للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[وقال هشام:] وكانوا قد اجتمعوا بأبي جعفر محمَّد بن عليّ وقالوا: ما تقولُ في زيد بن علي؟ قال: سيِّدُنا وأفضلُنا، بايِعُوه (١). فلما قال لهم ما قال في الشيخين رضوان الله عليهما؛ تركوه.

ذكر خروجه ومقتله:

[قال هشام:] اتفق زيد مع من بايعه أنَّه يخرجُ ليلةَ الأربعاء أول [ليلة من] صفر سنة اثنتين وعشرين ومئة (٢) [وهذا قول هشام. أما المدائنيّ فإنَّه قال: كان خروجُه في صفر سنة إحدى وعشرين ومئة. وكذا قال الواقدي. فقد اتفقوا على أن مقتله في صفر، وإنما اختلفوا في السنة. ورُوي أنَّه قُتل يوم عاشوراء، والأول أصح] (٣).

وبلغ يوسفَ بنَ عُمر وهو بالحِيرة، فبعث إلى الحَكَم بن الصَّلْت -وكان على شرطته- أن يجمع أهل الكوفة في المسجد الأعظم ويَحْصُرَهم فيه، فبعث الشرطة (٤) والعُرفاء والمقاتلة، فأدخلهم المسجد ونادى مناديه: من أدركناه في رَحْلِهِ فقد برئت منه الذِّمَّة.

فأتى النَّاسُ المسجدَ يوم الثلاثاء قبل خروج زيد بليلة، فلما جنَّ الليل؛ خرج زيد من دار معاوية بن إسحاق بن زيد بن حارثة الأنصحاري وكانت ليلةً شديدة البرد، وأوقدوا النيران على الجرادي، وهو قصب مجتمع [والعامَّة تقول: الهرادي، بالهاء، وهو خطأ] ولما أوقدوا الجرادي نادَوْا بشعارِهِ: يَا منصور أمِت أمِتْ.

فلما أصبحوا خرجوا إلى صحراء عبد القيس، فلقيَهم جعفر بن العبَّاس الكنديّ، فحمل عليه القاسم الحضرميّ من أصحاب زيد، فأُخذ (٥) وقد ارْتُتَّ (٦)، فجيء به إلى الحَكَم بن الصَّلْت، فقتله، وهو أوَّلُ من قُتل من أصحاب زيد، وأمر الحَكَم بالدروب فأُغلقت، وبأبواب المسجد وأهلُ الكوفة فيه.


(١) بنحوه في "أنساب الأشراف" ٢/ ٥٢٩. وفي "تاريخ" الطبري ٧/ ١٨١ أن القصة مع جعفر بن محمَّد بن عليّ،
(٢) تاريخ الطبري ٧/ ١٨١.
(٣) من قوله: وهذا قول هشام … إلى هذا الموضع، من (ص). وجاء بدله في (ب) و (خ) و (د) ما صورتُه: وقيل: سنة إحدى وعشرين، وقيل: سنة ثلاث وعشرين.
(٤) في (ص): الشرط.
(٥) أي: القاسم، وفي (ص): فأخذه.
(٦) أي: أُثخن بجراحه وأشرف على الموت.