للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وأرسل [الحكم] إلى يوسف بن عمر، فأخبره، فأقبل من الحِيرة ومعه أهلُ الشَّام ووجوه قريش، فنزل قريبًا من الكوفة، وبعث الزُّبير بن سليم (١) الأراشي في ألفين، وزيدُ بنُ علي مكانَه لم يأته سوى مئتي رجل، وثمانية عشر رجلًا، فقال: سبحان الله! فأين الذين (٢) بايعوني؟! فقيل له: في المسجد الأعظم محصورون. فقال: ما هذا ممَّن بايَعَنا بعذر.

ثم أقبل زيد من جَبَّانة سالم حتَّى انتهى إلى جَبَّانة الصيَّادين وبها خمس مئة من أهل الشَّام، فحمل عليهم زيد وأصحابُه -وتحت زيد بِرْذَون أدهم اشتراه من بني نَهْد بخمسة وعشرين دينارًا، فلما قُتل أخذه الحكم بن الصَّلْت صاحب الشرطة (٣) - فهزمَ أهلَ الشَّام، ثم مرَّ على دار رجل من الأزد يقال له: أنس بن عمرو، وكان ممَّن بايعه، فناداه زيد: يَا أنس، اخرج فقد جاء الحقّ وزهق الباطل. فلم يجبه، فناداه مرارًا ولم يخرج، فقال زيد: اللهُ حسيبُكم.

ولما خذله أهلُ الكوفة؛ جعل يقول: قد حذَّرني داود بن عليّ منكم، فلم أحذر (٤).

ثم سار زيد حتَّى انتهى إلى الكُناسة وبها جماعة من أهل الشَّام، فحمل عليهم، فانهزموا، وخرج إلى الجبَّانة ويوسف بنُ عمر على تل في مئتي رجل، فلو حملَ عليه زيد لقتله، فقال نصر بن خزيمة لزيد: اذهب بنا إلى المسجد، فإنَّ النَّاس الذين بايعوك به فلتخلِّصهم (٥).

فذهب إلى المسجد، فلما انتهى إليه أقبل أصحابُ زيد يُدخلون راياتهم من فوق الأبواب ويقولون: يَا أهل الكوفة اخرجوا، وجعل نصرُ بن خُزيمة يناديهم: أخرجوا من الذُّلّ إلى العزّ. وأشرفَ أهلُ الشَّام عليهم من سطوح المسجد يرمونهم بالحجارة،


(١) في "أنساب الأشراف" ٢/ ٥٣١: الريان بن سليمة، وفي "تاريخ" الطبري ٧/ ١٨٢: الريان بن سليم.
(٢) في (ب) و (خ) و (د): الذي. والمثبت من (ص).
(٣) قوله: فلما قتل أخذه الحكم بن الصلت صاحب الشرطة، ليس في (ص).
(٤) قوله: ولما خذله أهل الكوفة … إلى هذا الموضع، وقع في (ص) بنحوه في موضع لاحق.
(٥) في (خ): فتخلصهم. والمثبت من النسخ الأخرى.