للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وفيها وفدَ يوسفُ بنُ عمر على الوليد [بن يزيد] فاشترى نَصْرَ بنَ سيَّار وعماله، فأجابَه إلى ذلك، وعاد يوسفُ إلى العراق، ولم يُظهرْ شيئًا من ذلك، وكتب إلى نَصْر بن سيَّار بأن يَقْدَمَ عليه، ويحملَ معه ما قَدَرَ من الهدايا والأموال، ويقدم بأهله.

فلما ورد كتابُه على نصر قسَّم الهدايا على أهل خُراسان والعمال، فلم يدع بخُراسان جاريةً ولا عبدًا ولا بِرْذَوْنًا فارهًا إلَّا أَعدَّه، واشترى أَلْف مملوك، وكساهم، وأعطاهم السلاح، وحملَهم على الخيول، وكان قد أعدَّ خمس مئة وصيفة، وأباريقَ الذهب والفضة والتماثيل.

فبينا هو (١) كذلك جاءه كتابُ الوليد [بن يزيد] يستحثُّه ويقول: ابعثْ إلينا ببرابط وطنابير وكلِّ صَنَّاجة بخراسان، وكلِّ بازي وبِرْذَوْن، ويَقْدَم معه بوجوه خُراسان.

فأخبر قومٌ من المنجِّمين نصرًا أنَّه سيكونُ فتنة، وألحَّ عليه يوسفُ بنُ عمر بالكُتُب، وبعث رسولًا وقال له: إنْ قَدِم؛ وإلا فعرِّف الناسَ أنَّه قد خُلع.

فأكرمَ نصرٌ الرسولَ وأجازَه وأرضاه، وأقامَ يتربَّص حتَّى قُتل الوليد بنُ يزيد، وهربَ يوسفُ من العراق، فردَّ الهدايا إلى قصره (٢).

وفيها بعثَ الوليدُ [بن يزيد] خاله يوسفَ بنَ محمَّد بن يوسف الثَّقَفيّ واليًا على المدينة ومكة والطائف، وعزل محمدًا وإبراهيم ابني هشام بن إسماعيل المخزومي، وأمرَه بتعذيبهما وإقامتهما للنَّاس، ويبعثَ بهما في عباءتين مقيَّدَينِ إلى يوسف بن عمر بالعراق، فيعذبهما ويقتلهما -وكان الوليد قد رُفعَ إليه أنهما اختانا أموالًا عظيمة- ففعل (٣).

قال إسحاق بن إبراهيم الموصلي: وكان الوليد مُضْطَغِنًا على هشام بن عبد الملك (٤)، فلما وليَ الخلافةَ أظهرَ ما كان في قلبه من هشام بن عبد الملك، وقصدَ


(١) في (د): هم.
(٢) الخبر في "تاريخ" الطبري ٧/ ٢٢٤ - ٢٢٥ بأطول منه، وينظر "المنتظم" ٧/ ٢٤٢.
(٣) تاريخ الطبري ٧/ ٢٢٦ - ٢٢٧، والمنتظم ٧/ ٢٤٣.
(٤) في "الأغاني" ١/ ٤١٥: مضطغنًا على محمَّد بن هشام (يعني ابنَ إسماعيل المخزومي).