للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أقاربَه، فاستدعى محمدًا وإبراهيمَ (١) من الحجاز، فقدما عليه في شعبان هذه السنة، فدعا الوليد بالسِّياط، فقال له محمَّد: أنشدُك اللهَ والرَّحِم! فقال الوليد: وأيُّ رحم بيني وبينَك؟ وهل أنتَ إلَّا رجلٌ من أشجع؟ قال: فإنِّي أسألك بصهر عبد الملك. فقال: إنَّك لم تحفظه. قال: فإنَّ رسول الله قد نهى أن يُضربَ قرَشِيٌّ إلَّا في حدٍّ. فقال: ففي حدٍّ أضربُك، أنتَ أوَّلُ من سنَّ ذلك على العَرْجيّ (٢)، وهو ابنُ عمِّي وابنُ أمير المُؤْمنين عثمان، فما رَعَيتَ حقَّه ولا حقَّ جدِّه، ولا نسبتَه بهشام. قال: فإنَّه قد هجاني وفضحني وذكرَ أمِّي وزوجتي، وفعل بعرضي ما قد علمت. فقال: أنا وليُّ ثأرِه، فإنَّه ماتَ في حبسك. اضربْ يَا غلام. فضَرَبَهما، وأوثَقَهما في الحديد، وبعثَ بهما إلى يوسف بن عمر، فعذَّبَهما حتَّى قتلَهما (٣).

ولمَّا وليَ يوسفُ بنُ محمَّد الثقفيّ المدينةَ عزلَ سَعْد (٤) بنَ إبراهيم عن القضاء، وولَّى يحيى بنَ سعيد الأَنْصَارِيّ.

وفيها قدم جماعة من الشيعة مكةَ، فيهم سليمانُ بنُ كثير، وقحطبة بنُ شبيب، ومالك بن الهيثم (٥)، واجتمعوا بمحمد بن عليّ، وأخبروه بقصة أبي مسلم، وما رأَوْا فيه من العلامات، فقال لهم: حُرٌّ هو أم عبد؟ فقالوا: أمَّا هو فيزعُمُ أنَّه حُرٌّ، وأما عيسى (٦) فيزعُمُ أنَّه عبد. قال: فاشتَرَوْه وأعْتَقُوه، وأعطَوْا محمدًا مئتي أَلْف درهم وثيابًا، فقال: ما أظنُّكم تلقَوْني بعد عامي هذا، فإنْ حدثَ بي حَدَثٌ (٧) فصاحبُكم إبراهيم بن محمَّد، فإنِّي أختارُه لكم، وأُوصيكم به خيرًا. فصَدَرُوا من عنده، وتوفّي عقب ذلك في هذه السنة (٨).


(١) يعني محمدًا وإبراهيم ابني هشام بن إسماعيل المخزومي، وهما خالا هشام بن عبد الملك.
(٢) هو عبد الله بن عُمر بن عَمرو بن عثمان بن عفَّان. وسلف ذكره أوائل سنة (١١٤)، وينظر "الأغاني" ١/ ٣٨٣.
(٣) الخبر بنحوه في "الأغاني" ١/ ٤١٥ - ٤١٦.
(٤) في (ب) و (خ) و (د) (والكلام منها): سعيد، والتصويب من "تاريخ" الطبري ٧/ ٢٢٧، و"الكامل"٥/ ٢٧٤.
(٥) في (ب) و (خ) و (د) (والكلام منها): أهتم. والتصويب من "تاريخ" الطبري ٧/ ٢٢٧، و"الكامل" ٥/ ٢٧٤.
(٦) يعني عيسى بن معقل، وسلف ذكره أوائل أحداث سنة (١٢٤).
(٧) في (ب): حادث.
(٨) يعني سنة (١٢٥). والكلام في "تاريخ" الطبري ٧/ ٢٢٧. ولم ترد هذه الفقرة في (ص).