للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقدم منصور الحِيرَة في أيَّام خلَتْ من رجب، فاستولى على بيوت الأموال، وأعطى الناس، وولَّى على واسط حُريث بن [أبي] الجَهْم، واستعملَ جريرَ بن يزيد بن جرير بن عبد الله على البصرة، وبايع ليزيد بن الوليد بالعراق، وأقام بقيَّة رجب وشعبان، وانصرف (١) في رمضان.

[وقيل:] وكان منصور [بن جمهور] أعرابيًّا جافيًا جِلْفًا غَيلانيًّا قَدَريًّا، وإنما ساعد [يزيدَ بنَ الوليد] على قتل الوليد [لأجل الاعتقاد، و] حميَّة لخالد القَسْريّ [حيث قتله يوسفُ بنُ عُمر]، فلما قُتل الوليدُ قال له يزيد [بنُ الوليد]: قد ولَّيتُك العراق، فسِرْ إليه، واتَّقِ الله، واعلم أني إنَّما قتلتُ الوليدَ لفسقه، ولِما أظهر (٢) من الجَوْر، فلا ترتكب مثل ما قتلتُه عليه (٣).

ولِما بلغ يزيدَ بنَ حُجْرةَ الغسانيَّ -وكان ديِّنًا صالحًا فاضلًا، له قَدْرٌ بالشام، حضر قتل الوليد ديانةً ومجاهدةً- فقال ليزيد: يا أمير المؤمنين، أَوَلَّيتَ منصورًا العراق؟ قال: نعم، لبلائه وحُسن معونته. قال: إنَّ منصورًا ليس هناك؛ لأعرابيَّتِه وغِلظته وجفائه في الدين. قال: فمن أُوَلِّي؟ قال: رجلًا من أهل الدِّين والصَّلاح، عارفًا بالحدود والأحكام (٤).

ولما سار [منصور] إلى العراق كتب في (٥) الطريق إلى سليمان (٦) بن سُليم يقول: ﴿إِنَّ اللَّهَ لَا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ﴾ [الرعد: ١١] وإنَّ الوليد يدَّل نعمةَ الله كفرًا فسفك [الدِّماء، فسفك اللهُ] دمه وعجَّل بروحه إلى النار، وولَّى خلافتَه مَنْ


(١) في النسخ الأربعة: وصرف، والمثبت من المصدر السابق، والخبر فيه.
(٢) في (ص): ظهر.
(٣) تاريخ الطبري ٧/ ٢٧٠ - ٢٧١. وما سلف بين حاصرتين من (ص).
(٤) المصدر السابق ٧/ ٢٧١.
(٥) في (ب) و (د): من. والكلام ليس في (ص).
(٦) لفظة "منصور" السالفة بين حاصرتين زيادة من عندي للإيضاح. وعبارة "تاريخ" الطبري: وأقبل منصور حتى إذا كان بالجَمْع كتب إلى سليمان. . . إلخ. وجَمْع: قلعة بوادي موسى من جبال الشَّراة.