للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

هو خيرٌ منه وأحسنُ هَدْيًا، فخُذْ يوسفَ وعمَّاله لا يَفُوتنَّك منهم أحد، وإيَّاك والمخالفةَ، فيحلَّ بك ما لا قِبل لك به. والسلام (١).

وبلغ يوسفَ بنَ عُمر، فهربَ إلى الشام على طريق السَّماوة حتى أتى البَلْقاء، ولم يخرج معه من الكوفة سوى سفيان بن سُليم (٢)، وغسان [بن قعاس] العُذْري، ومعه من ولده لصلبه ستُّون ما بين ذكر وأنثى.

ولمَّا بلغَ يزيدَ بنَ الوليد نزولُ يوسف بن عمر البَلْقاء؛ أرسلَ إليه محمدَ بنَ سعيد الكلبيَّ في خمسين فارسًا، فأحاطَ بدار يوسف بالبَلْقاء، وفتَّشَ عليه، فلم يجده، وكان [يوسف] قد لبسَ ثيابَ النساء، وجلسَ بين نسائه وبناته، ففتَّشهنَّ، فظفرَ به، فجاء به إلى دمشق في وَثاق، فحبسَه مع ابنَي الوليد، فأقام محبوسًا مدَّة ولاية يزيدَ بنِ الوليد، وشهرين وعشرة أيام في ولاية إبراهيم بن الوليد، فلما قرب مروان من دمشق وليَ قَتْلَهم يزيدُ بنُ خالد، فقتل الغلامين ويوسف [بن عمر، وسنذكر ذلك (٣).

وفي رواية: لمَّا جيءَ بيوسف بن عمر؛ قال له: ما أقدمَك؟ قال: قدم منصور واليًا. قال: لا، ولكنَّك (٤) كرهتَ أن تليَ عملي. فحبَسه.

وفي رواية أنه] لمَّا أُخِذَ يوسفُ من البَلْقاء وجيء به إلى دمشق؛ لقيَه عاملٌ لسليمان، فنتفَ لحيتَه، وكان من أعظم الناس لحية وأصغرهم قامة. فأُدخِلَ (٥) على يزيد، فجعل يُمسكُ لحيتَه ويقول: يا أمير المؤمنين، نتفَ لحيتي فما أبقى منها شعرة. فأمر بحبسه في الخضراء (٦)، فدخل عليه محمد بن راشد فقال: أما (٧) تخافُ أن يطَّلع عليك بعضُ من


(١) تاريخ الطبري ٧/ ٢٧١. وما سلف بين حاصرتين منه. ومن قوله: ولما بلغ يزيدَ بنَ حجرةَ. . . إلى هذا الموضع، ليس في (ص).
(٢) في (ص): سلامة. وفي "تاريخ" الطبري ٧/ ٢٧٣: سفيان بن سُليم بن سلامة.
(٣) تاريخ الطبري ٧/ ٢٧٤.
(٤) في (ص) (والكلام منها، وهو ما بين حاصرتين): وليتك، بدل: ولكنك. والمثبت من المصدر السابق.
(٥) في (ص): فأدخلاه. وكذا هي اللفظة في "تاريخ" الطبري ٧/ ٢٧٥، غير أن الخبر جاء فيه مفصّلًا، فضمير التثنية يعود عنده على مسلم بن ذكوان ومحمد بن سعيد الكلبي اللذين أرسلَهما يزيد بن الوليد في طلب يوسف، وظفرا به، ولم يرد لهما ذكر هنا.
(٦) هو دار الإمارة بدمشق.
(٧) في (ص): ألا.