للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

جماعةً وهو يمتنع، ثم تهيَّأ للخروج إلى جُرجان وهو على عزم الخلاف، وجرت بينهما محاوراتٌ كثيرة (١).

وفيها اتَّفق نَصْرُ بنُ سيَّار مع الحارث بن سُرَيج، وأخذَ له كتابَ أمان من يزيد.

وسببه أنَّ الفتنة لما وقعت بخراسان بين نَصْر والكِرْمانيّ؛ خاف نَصْرٌ أن يتفق الكِرْمانيّ مع الحارث والتركِ عليه، فأرسل مقاتلَ بنَ حيَّان النَّبَطي ومعه جماعةٌ إلى الحارث في الصُّلح، وبعثَ نصرٌ إلى يزيد يطلب له الأمان.

وقيل: إنما أخذَ الأمانَ للحارث خالدُ بن زياد (٢)؛ من أهل التِّرْمِذ، وخالدُ بنُ عَمرو (٣) مولى بني عامر؛ خرجا إلى يزيد [بن الوليد] إلى دمشق، ودخلا عليه فقالا: يا أمير المؤمنين، أنتَ قتلتَ ابنَ عمِّك لإقامة كتاب الله، وعُمَّالُك يَظلمون! فقال: ما الذي أصنع؟ قالا: وَلِّ أربابَ البيوت، وضُمَّ إلى كلِّ عاملٍ رجلًا (٤) من أهل العلم والفقه. فقال: أفعل. وسألاه أمانًا للحارث، فأمَّنَه، وكتبَ لهما كتابًا إلى عبد الله بن عُمر بن عبد العزيز بردِّ ما كان اصطفى من أموالهم وذراريهم.

فقدما على عبد الله الكوفة، وكتب لهما كتابًا إلى نصر بردِّ ما كان أخَذَ لهم (٥)، فردَّ ما قدر عليه.

ومضيا إلى الحارث بن سُريج، فلقيا عنده مقاتل بن حيَّان (٦) وأصحابَه الذين بعثهم نصر إلى الحارث ومعه أمانُ نصر للحارث، فأقبلَ الحارثُ يريد مَرْو، وكان مُقامُه بأرض الترك اثنتي عشرة سنة (٧).


(١) ينظر الكلام مفصّلًا في المصدر السابق.
(٢) في (خ): يزيد. والمثبت من (د)، وهو موافق لما في "تاريخ" الطبري ٧/ ٢٩٣.
(٣) في (خ) و (د) (والكلام منهما): حارث، بدل: عمرو. والمثبت من "تاريخ" الطبري ٧/ ٢٩٣، و"الكامل" ٥/ ٣٠٨.
(٤) في "تاريخ" الطبري ٧/ ٢٩٣: رجالًا.
(٥) يقارن بما في المصدر السابق ٧/ ٢٩٤.
(٦) في (خ) و (د) (والكلام منهما): سليمان. وهو خطأ، وسلف ذكر مقاتل قريبًا.
(٧) تاريخ الطبري ٧/ ٢٩٤.