قتلتُ؟ قلتُ: عبد الرحمن بن مسلم، وعبد الجبَّار بن عبد الرحمن. قال: هيه. فأردتُ أن أقول: وعمَّك عبدَ الله بنَ علي، فأدركني ذهني فقلت: وسقط البيت على عبد الله بن عليّ، فقتلَه. فقال: وسقطَ عليه البيتُ فقتلَه، فما ذنبي؟ قلت: لا شيء، إنما أردتُ أن أُخبرك. فآنستُ منه لينًا، فقلتُ: وهذا الآخر حائطُه مائلٌ؛ إن لم تدعموه بشيء، خفتُ أن يسقط عليه فيقتلَه. [أعني عيسى بن موسى]، وكان عيسى محبوسًا عنده ليخلعَ نفسَه ويولّيها المهديّ. فضحك، ووضع كُمَّهُ على وجهه، واستترَ، وتغافل كأنه لم يفهم.
وتخشخشت الرُّقعةُ في كُمِّي، فقلتُ لها: استَتِري، فليس هذا يومُكِ. فقال: دَعْها مكانَها. فقلت: إنْ رأى أميرُ المؤمنين أنْ ينظرَ فيها بما أراه الله، فهي لآل خالد القَسْرِيّ، أصبَحُوا عالةً يتكفَّفُون الناس على الطرق، فأخَذَها وقال: لأُحَدِّثَنَّك عن خالد بحديث تأكلُ به الخبز.
إني لما تزوّجتُ أمَّ موسى بنت منصور بن عبد الله بن يزيد؛ كان مَهْرُها ثلاثين ألفَ درهم، [ففدَحَني] فقلتُ: آتي الكوفةَ، فإنَّ لنا بها شيعةً، فركبتُ حمارًا، وركب مولًى لي حمارًا آخر، وسِرْنا، فلما قَرُبْنا من سَواد الكوفة؛ مررنا بقرية على شيخ في مستشرف على باب بيت، فسَلَّمْنا عليه، فما حَفَلَ بنا، فدلَّنا إلى دار واسعة، فنزَلْنا بها، فسألَ بعضُ أهل الدار مولايَ عني وعن اسمي ونسبي، فأخبره، فمضى وقعدنا مُتَحَيِّرِين.
وإذا برسولٍ قد جاء ومعه رُقْعَةٌ، فسألني فيها المصير إليه ويقول: بي علَّةٌ تمنعُني من القيام، فهممتُ بالقيام، فقال لي مولاي: إلى مَنْ تريد؟ [إلى] رجل ما رآنا أهلًا لردِّ السلام؛ نمشي إليه؟! قلت: نعم. فمشَيتُ إليه، فرحَّب بي، وأخذَ يعتذرُ بمرضه، وسألَني عن سبب مخرجي، فاستَحْيَيتُ أن أذكرَ له حاجتي وقلت: يكون في مجلس آخر. فمدَّ يده إلى الدَّواة، فكتب رُقْعَةً وختمَها، ورمى بها إلى مولاي وقال: اِلْقَ وكيلي بها.
فأخَذْنا الرُّقْعَةَ، ودعوتُ له، وقمتُ، فأتينا الدار، وأتينا بما نحتاج إليه، ولم نَحْفِلْ بالرُّقْعَة، وحَقَرْنَاها، ورمى بها مولاي في زاوية البيت، وإذا بوكيله قد غدا علينا وقال: