للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ولم يكُ قبلَها راعي مخاضٍ … ليأمَنَهُ على وَرِكَي قَلُوصِ

تَفَهَّقَ بالعراق أبو المثنَّى … وعَلَّمَ قومَهُ أَكْلَ الخَبِيصِ

وأرادَ بالرَّافدَين الفراتَ ودِجْلَة (١).

ثم عذَّب خالدٌ ابنَ هُبيرة، وهرب منه إلى الشام، واستجارَ بمسلمة بنِ عبد الله، فأجارَه، ورضيَ عنه هشام.

فلما وفد خالد على هشام أمر الناسَ بتلقِّيه، فخرج معهم عُمر بنُ هُبيرة، فلما رآه خالد قال له: أبَقْتَ إباقَ العبد. فقال له ابنُ هُبيرة: لمَّا نِمْتَ نَوْمَ الأَمَة (٢).

ثم مات هشام، ووَلِيَ الوليدُ بنُ يزيد، وكان يوسف بن عمر باليمن، فكتب إليه الوليد بولاية العراق وتعذيبِ خالد، فأخذَ خالدًا فعذَّبه.

وقال الهيثم: ولمَّا ولَّى الوليدُ يوسفَ بن عمر العراق، دفع يوسفُ بنُ عمر في خالدِ وأصحابه خمسين ألفَ ألفِ درهم، فقال الوليد: أبلغوا خالدًا ذلك. فقال خالد: متى عهد (٣) العرب تبيعُ الأحرار؟! ثم أقام (٤) يوسفُ بنُ عمر خالدًا في عَباءة، وضربه ضربًا مُبَرِّحًا، ووضعَ الحْشبَ على ساقيه وقدميه، وأقام عليه الرِّجال، فكسَرُوا أعضاءه عضوًا عضوًا، ولم ينطق [خالد] بحرف حتى مات، وذلك بالحِيرَة، فلفُّوه في عَباءة، وألْقَوْه في حفرة، واستخرجَ يوسفُ منه ومن أصحابه تسعين ألفَ ألفِ درهم (٥).


(١) ينظر "الكامل" للمبرّد ٢/ ٩٨٥. قال: الطَّبع: الشديدُ الطمع الذي لا يفهم من شدة طمعه. والأحذّ: الخفيف. وقال ابن قتيبة في "المعارف" ص ٤٠٨: يريد أنه خفيف اليد، نسبهُ إلى الخيانة. اهـ. وتفهَّق، أي: امتلأ مالًا. ووقع في "المعارف": تفتَّق. وقال المبرّد في معنى البيت الثالث: كانت بنو فَزارة تُرمى بغشيان الإبل. وأورد بيتًا في هذا المعنى. وقوله: أبو المثنّى، هو عمر بن هبيرة المهجوّ، والخَبِيص: حلواء مخبوصة من التمر والسمن.
(٢) أنساب الأشراف ٧/ ٣٨١، والعقد الفريد ٢/ ١٨٥. ومن قوله: ذكر هلاكه (أول الفقرة). . . إلى هذا الموضع، ليس في (ص).
(٣) في (ص): عهدت.
(٤) في (ص): لفَّ.
(٥) ينظر الخبر مطولًا في "أنساب الأشراف" ٧/ ٤٥٣ - ٤٥٥، و"تاريخ" الطبري ٧/ ٢٥٩ - ٢٦٠، و"البداية والنهاية" ١٣/ ١٩٦.