للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

كَيدًا﴾ [يوسف: ٥] أي: يبغونك الغوائل ويحتالون لهلاكك لأنهم يعلمون تأويلها فيحسدونك ﴿إِنَّ الشَّيطَانَ لِلْإِنْسَانِ عَدُوٌّ مُبِينٌ﴾ [يوسف: ٥] ثم قال له يعقوب: ﴿وَكَذَلِكَ يَجْتَبِيكَ رَبُّكَ﴾ أي: يختارك ويصطفيك ﴿وَيُعَلِّمُكَ مِنْ تَأْويلِ الْأَحَادِيثِ﴾ أي: تعبير الرؤيا، وسمي تأويلًا، لأنَّه يؤول أمره إلى ما رأى في منامه ﴿وَيُتِمُّ نِعْمَتَهُ عَلَيكَ وَعَلَى آلِ يَعْقُوبَ﴾ يعني الأسباط ﴿كَمَا أَتَمَّهَا عَلَى أَبَوَيكَ مِنْ قَبْلُ إِبْرَاهِيمَ﴾ بالخُلَّة وغيرها، وإسحاق بالنجاة من الذبح (١) ﴿إِنَّ رَبَّكَ عَلِيمٌ حَكِيمٌ﴾ [يوسف: ٦].

قال السُّدِّي: وبلغ إخوتَه حديث الرؤيا فقالوا: ما رضي أن يسجد له إخوته حتَّى سجد له أبوه؟! فحسدوه.

وقال مقاتل: لو حفظ وصية أبيه في قوله: ﴿لَا تَقْصُصْ رُؤْيَاكَ عَلَى إِخْوَتِكَ﴾ لما جرى عليه ما جرى، ولكن الإنسان حريص على ما مُنِعَ منه وخصوصًا الصبيان والنساء.

قال الله تعالى: ﴿لَقَدْ كَانَ فِي يُوسُفَ وَإِخْوَتِهِ آيَاتٌ لِلسَّائِلِينَ (٧)[يوسف: ٧] أي: في خبره وخبر إخوته، وقد ذكرنا أسماءهم على وجه التفصيل، فنذكرها ها هنا على وجه الإجمال. قال مقاتل: أسماؤهم روبيل وهو أكبرهم، وشمعون، ولاوي، ويهوذا، وزبالون، ويسَّخر، وأمهم ليَّا بنت لابان، ولابان خال يعقوب. ووُلد له من سُرِّيتين وهبتهما له ليَّا، اسم إحداهما زلفى، والأخرى بلهة أربعة نفر: دان ونفثالي وجاد (٢) وأشر. ثم توفيت ليَّا فتزوج يعقوب أختها راحيل فولدت له يوسف وبنيامين.

و"الآيات": العلامات، والمراد بالسائلين: اليهود، سألوا رسول الله عن قصة يوسف، فأخبرهم بها كما في التوراة، فعجبوا وقالوا: من أخبرك بهذا؟ قال: "أخبرني به ربي".

وقال مقاتل: وكانوا أنبياء.

قلت: وقد وَهِمَ مقاتل لأنهم ارتكبوا الكبائر، وإنَّما قيل إنهم نُبِّؤوا بعدما دخلوا مصر وتابوا.


(١) تفسير الثعلبي / ١٩٨، والمصنف ينقل عنه تفسير الآيات فليرجع إليه، ولن أحيل عليه بعد هذا.
(٢) في (ل) و (ب): وباد.