واختلفوا في العُصبَة: فقال الزجاج: هي ما بين الواحد إلى العشرة، وقال غيره: ما بين الواحد إلى خمسة عشر، وقيل: ما بين العشرة إلى الأربعين.
﴿إِنَّ أَبَانَا لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ﴾ [يوسف: ٨] بإيثار يوسف وبنيامين علينا ﴿اقْتُلُوا يُوسُفَ﴾ قال وهب: القائل لهذا شمعون، وقيل: روبيل، وقيل: دان ﴿أَو اطْرَحُوهُ أَرْضًا﴾ أي: في أرضٍ أخرى ﴿يَخْلُ لَكُمْ وَجْهُ أَبِيكُمْ﴾ عن شغله بيوسف وأخيه ﴿وَتَكُونُوا مِنْ بَعْدِهِ قَوْمًا صَالِحِينَ (٩)﴾ [يوسف: ٩] أي: صلح لكم ما بينكم وبين أبيكم ﴿قَال قَائِلٌ مِنْهُمْ﴾ وهو يهوذا، وكان ابن خالة يوسف وأحسنهم فيه رأيًا ﴿لَا تَقْتُلُوا يُوسُفَ﴾ فإن قتله عظيم ﴿وَأَلْقُوهُ فِي غَيَابَتِ الْجُبِّ﴾ أي: في قعره وظلمته بحيث يغيب خبره و "الغيابة": كل شيء غيِّب. و"الجُب": البئر. وقال مقاتل: هذا الجب على ثلاثة فراسخ من منزل يعقوب بأرض الأردن. وبعضهم قال: بين مدين ومصر. وبعضهم قال: ببيت المقدس.
قوله: ﴿يَلْتَقِطْهُ﴾ أي: يأخذه، والسيَّارَة: من يمرُّ في الطريق، ﴿إِنْ كُنْتُمْ فَاعِلِينَ﴾ [يوسف: ١٠] لتستريحوا منه، وقيل معناه: إن كنتم فاعلين ما أُشير به. وقيل للحسن: أيحسد المؤمن؟ قال: ما أنساك عن إخوة يوسف، وقيل أولاد يعقوب.
ثم اتفقوا على التفرقة بينه وبين ولده بضربٍ من الحيلة حسدًا منهم فقالوا: ﴿يَاأَبَانَا مَا لَكَ لَا تَأْمَنَّا عَلَى يُوسُفَ وَإِنَّا لَهُ لَنَاصِحُونَ﴾ [يوسف: ١١] بالحفظ والحياطة حتى نردَّه إليك ﴿أَرْسِلْهُ مَعَنَا غَدًا يَرْتَعْ وَيَلْعَبْ﴾ [يوسف: ١٢].
فإن قيل: فكيف قالوا يلعب وهم أنبياء؟ فالجواب من وجهين:
أحدهما: أنهم لم يكونوا أنبياء حينئذٍ.
والثاني: أن اللعب بمعنى النزهة، وذلك جائز. على أنهم قد ارتكبوا من يوسف ما هو أعظم من اللعب، لما نذكر.
وقيل معنى (يرتع): يرعى غنمه. وقال مجاهد: قالوا ليوسف: أمَّا تخرج معنا فنلعب ونتصيد؟ قال: بلى، قالوا: فاسأل أباك، فسأل فمَنَعه، فقال: يا أبة، قد أرى من إخوتي اللطفَ واللين، فأذِنَ له على كُرهٍ. ثم إنهم ألحُّوا على أبيهم فقال: ﴿إِنِّي لَيَحْزُنُنِي أَنْ تَذْهَبُوا بِهِ وَأَخَافُ أَنْ يَأْكُلَهُ الذِّئْبُ وَأَنْتُمْ عَنْهُ غَافِلُونَ﴾ [يوسف: ١٣] أي: