للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

في أشعار كثيرة من هذا الجنس.

وقال الهيثم: طلَّقَ الوليدُ سُعْدَى، وكانت محبوبتَه أولًا، ثم عشقَ أختها [سلمى] ورجعت سُعْدَى إلى المدينة، فتَزَوَّجَها بِشْر بنُ الوليد بن عبد الملك [بن مروان] وندمَ الوليد على طلاقها حيث فاتته أختُها، فقال لأشعب المِضْحاك: هل لك أن تُبلغَ سُعْدَى عني رسالة ولك عشرون ألفَ دينار؟ قال: نعم. عجِّل بالمال. فأعطاه إياه، ثم قال له: إذا دخلتَ عليها فأنْشِدْها:

أسُعْدَى ما إليكِ لنا سبيلُ … ولا حتى القيامةِ من تلاقِ

عسى ولعلَّ دَهْرًا أن يُؤاتي … بموتٍ من خليلٍ أو فراقِ

فقدم أشعب المدينة، ودخل عليها، فأنشدها البيتين، فقالت: ارجع إليه، وقل له:

أتبكي على سُعْدَى (١) وأنتَ تركتَها … فقد ذهبَتْ سُعْدَى فما أنتَ صانعُ

فرجع إليه إلى دمشق وأنشده الييت، فغضب الوليد وقال: اختر إحدى ثلاث: إمَّا أن أُلقيَك من القصر، أو أقتلَك، أو ألقيَك إلى السِّباع. فقال: حاشاك أن تفعل بي هذا وقد نظرت عيناي إلى سُعْدى. فضحك وأطلقَه (٢).

وقال أبو اليقظان: لما بلغ هشامًا أنَّ الوليدَ يخطب سلمى؛ كتب إلى أبيها سعيد: أتُزَوِّجُ ابنَتَك عدوَّ الله الفاسق؟! أتريد أن تجعله فحلًا لبناتك؟! وبلغ الوليدَ، فقال: إن تزوَّجْتُ سُلْمى فهي طالق.

وقال ابنُ عساكر (٣): كان هشام قد تزوَّج أمَّ سلمة (٤) بنت سعيد بن خالد بن عمرو ابن عثمان بن عفَّان، ثم خلفَ عليها الوليدُ بنُ يزيد، وهي التي حلف بطلاقها قبل الدخول بها، واستقدَمَ الفقهاء لأجلها، وكانت عنده أختُها لأبويها أمُّ عبد الملك، وهي سُعْدى بنت سعيد، وأمُّها أمُّ عَمرو بنت مروان بن الحكم، وأمُّها زينب بنت عُمر بن أبي سلمة بن عبد الأسد.


(١) كذا رواية البيت في "العقد الفريد" ٤/ ٤٥٣. وفي "الأغاني" ٧/ ٢٧ و ١٩/ ١٧٠: أتبكي على لُبْنَى. . . وجاء صدر البيت بهذا اللفظ لقيس بن ذَريح كما في "الأغاني" ٩/ ٢١٧.
(٢) المصدران السابقان، والتذكرة الحمدونية ٧/ ٢٣٥.
(٣) في "تاريخ دمشق" ص ١٧٢ (تراجم النساء- طبعة مجمع دمشق). ولم يرد هذا الخبر في (ص).
(٤) هي كنية سلمى، كما في المصدر السابق.