للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قال المصنّف : والمشهورُ أن التي حلف الوليد بطلاقها قبل نكاحها سلمى (١) أخت سُعْدَى قال: يوم أتزوَّجُ سلمى بنت سعيد فهي طالق. وكتب إلى فقهاء الأمصار فقالوا: لا طلاقَ قبل النكاح، منهم ابن طاوس اليماني، وسِمَاك بن الفَضْل اليماني؛ قالوا: إنَّما النكاح عقدٌ يُعْقَد، والطلاق تحلَّة، وكيف يُحَلُّ عقدٌ قبل أن يُعقد؟! فأعجبَ الوليدَ قولُ سِمَاك، فولَّاه قضاء اليمن.

وقال البخاري (٢): كتب إلى فقهاء المدينة يسألُهم عن هذا، فكتبوا إنه لا يقع، منهم عبدُ الرحمن بنُ القاسم، وربيعة، وأبو بكر بنُ محمد بن عَمرو بن حَزْم، وأبو الزِّناد، وغيرُهم.

وقد ذكرنا في ترجمة عبد الرحمن بن القاسم أنه مات بالفَدَّين (٣) بالشام، والوليدُ إنَّما استقدمه ليسألَه عن هذا.

قال المصنِّف : وقد اختلف الفقهاء في وقوع الطلاق قبل النكاح، فقال أبو حنيفة: يقع، وهو قولُ عمر، وابن مسعود، والحسن، والزُّهْري، والنَّخَعيّ، والشعبيّ، وسالم بن عبد الله، في آخرين.

وعند الشافعيّ وأحمد لا يقع، وهو مذهب من سَمَّينا من فقهاء المدينة. وكذا تعليق العِتاق بالمِلْك. وقال مالك: إن خَصَّ صحَّ، وإن عمَّ لا يصحّ (٤).

وقال هشام بن محمد: كان سعيدُ بنُ خالد بن عَمرو بن عثمان بن عفَّان نازلًا بالفَدَّين، فخرج الوليد قبل أن يليَ الخلافة، فنزل قريبًا منه، فمرَّ زيَّاتٌ على حمار يسوقُه وعليه زيت، فأخذ ثيابَ الزَّيَّات، فلبسَها وساق الحمار حتى دخل قصر سعيد


(١) وكنيةُ سلمى أمُّ سلمة كما ذكرت. فلا معنى لتعقُّب المصنِّف. وينظر ما بعده في "تاريخ دمشق" ص ١٧٥.
(٢) في "التاريخ الصغير" ١/ ٣٢٢، وأخرجه من طريقه ابن عساكر في "تاريخه" ص ١٧٧ (تراجم النساء- طبعة مجمع دمشق).
(٣) من أرض حوران بالشام، ينظر "معجم البلدان" ٤/ ٢٤٠. وسلفت ترجمة عبد الرحمن بن القاسم قريبًا. وتحرفت لفظة الفَدَّين في (خ) و (د) (والكلام منهما) إلى: القدس.
(٤) من قوله: وقال البخاري: كتب إلى فقهاء المدينة … إلى هذا الموضع، ليس في (ص).