للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وهو ينادي: من يشتري الزيت؟ فخرج الجواري ينظرن إليه، فقالت جارية منهنّ لسلمى: يا مولاتي، ما رأيتُ إنسانًا أشبهَ بالوليد من هذا الزَّيَّات! فاطَّلعت سلمى، فرأَتْه، فعرفَتْه، فقالت: ويحك! واللهِ إنه الوليد، وقد رآني، فقولي له: يا زيَّات، اخْرُجْ، فإنَّا لا نريد زيتَك. فخرجَ وقد لمحها (١).

واختلفت الروايات في تزويجه بها، فقال البلاذري: أكرهَ الوليدُ أباها لما وَلِيَ الخلافة على تزويجها منه، فحملَها من المدينة إلى الشام، فمرضت، وماتت ليلة دخل بها (٢). وقيل: أقامَتْ عنده شهرًا. وقيل: أربعين ليلة. فلما ماتت بكاها ورثاها (٣).

وقال لها يومًا: خطبتُكِ إلى أبيك وأنا وليُّ العهد، فلم يفعل، وأطاع هشامًا، أكان أبوك يطمع في الخلافة؟ وأنشد يقول:

وإنك والخلافةَ يا سعيدُ … لكالحادي وليس لَهُ بعيرُ

فقالت له سلمى: ولِمَ لا يطمعُ فيها وهو ابنُ أمير المؤمنين، وعنه أخذتُموها (٤)؟!

ورُويَ أن أباها مات قبل أن يليَ الوليد الخلافة، وكانت تحته سعدى أختها، فلما مات أبوها خرجت سلمى مُسفرةً في ثياب بياض (٥)، فقالت له وهي لا تعرفُه: ويحك، مات أبي! فوقَعَتْ في نفسه، فطلَّق أختَها وخطَبَها إلى وليِّها (٦)، فلم يزوِّجوه، فهامَ بها وقال الأشعار، ثم تزوجها بعد ذلك (٧).

وأرسل الوليد إلى المدينة، فجمع المغنِّين، فلما وصلُوا كره أن يُدخلهم العسكر نهارًا لئلا يراهم الناس، فأدخلهم ليلًا، وكان ساخطًا على محمد بن عائشة، فكلَّمه فيه مَعْبَد، فأمر بإحضاره فغنَّاه:


(١) أنساب الأشراف ٧/ ٤٨٦، وبنحوه في "الأغاني" ٧/ ٢٨ - ٢٩.
(٢) الكلام بنحوه في "أنساب الأشراف" ٧/ ٤٧٥.
(٣) أنساب الأشراف ٧/ ٥٠٠، والأغاني ٧/ ٣٠ و ٣١ و ٦٥. وقوله: وقيل أربعين ليلة … إلخ، ليس في (ص).
(٤) أنساب الأشراف ٧/ ٤٩٩، وتاريخ دمشق ص ١٧٣ (تراجم النساء- طبعة مجمع دمشق) ولم يرد البيت في (ص).
(٥) في (ص): بيض.
(٦) في (ص): أوليائها.
(٧) تاريخ دمشق ص ١٧٣ (تراجم النساء).