للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فقال له: ما أظنُّ ذلك، ولكنّه قد دخلَه ما صنع (١) الوليد بأهلك وببني هشام، واستخفافُه بالدِّين وتهاونُه بالإسلام. فقال له: ازْجُرْه عن ذلك (٢).

وبلغ مروانَ بنَ محمد بأرمينية أن يزيد يُؤلِّبُ الناس على الوليد، فكتب إلى سعيد بنِ عبد الملك يأمرُه أن ينهى يزيد والناس، ويكفَّهم عن ذلئا، وكان سعيد متألِّهًا ناسكًا، وكان في كتاب مروان:

أما بعد، فإنَّ الله جعلَ لكلِّ أهل بيت أركانًا يعتمدون عليها، ويتَّقون بها المخاوفَ، وأنت -بحمد الله- ركنٌ من أركان بيتك، وقد بلغني أن قومًا من سفهاء أهل بيتك قد أسَّسُوا (٣) أمرًا؛ إن تَمَّتْ لهم رؤيتُهم فيه على ما أجمعوا عليه من نقض بيعتهم، افتتَحوا بابًا لن يُغلقه اللهُ عنهم حتى تُسفَكَ دماءُ كثيرٍ منهم، وأنا مشتغلٌ بأعظم ثغور المسلمين، ولو اجتمعتُ بهم لَرَمَّمْتُ فسادَ أمرهم بيدي ولساني.

وذكر كلامًا طويلًا، وقال في آخره: فإنَّ فيما سَعَوْا فيه تغييرَ الدول، وكفرَ النعم، فبادِر الأمر وحبلُ الأُلفة مشدود، والناس سكونٌ، والثُّغور محفوظة، والسلام.

فبعث سعيد بكتابه إلى العبَّاس بن الوليد، فدعا العبَّاسُ يزيدَ بنَ الوليد، فنهاه وتهدَّدَه وخوَّفه، فأنكر ذلك.

وقال العباس:

إني أُعيذُكُمُ باللهِ من فِتَنٍ … مثلَ الجبالِ تَسَامَى ثم تندفعُ

إنَّ البَرِيَّةَ قَدْ مَلَّتْ سياسَتَكُمْ … فاسْتَمسِكُوا بعمودِ الدينِ وارْتَدِعُوا

لا تُلْحِمُن ذئابَ الناسِ أنفسَكُمْ … إنَّ الذِّئابَ إذا ما أُلْحِمَتْ رَتَعُوا

لا تَبْقُرُونَ بأيديكم بطُونَكُمُ … فثَمَّ لا حَسْرَةٌ تُغْني ولا فَزَعُ (٤)


(١) في (ص): صنعه.
(٢) أنساب الأشراف ٧/ ٥١٨ - ٥١٩، وتاريخ الطبري ٧/ ٢٣٧.
(٣) في "تاريخ" الطبري ٧/ ٢٣٨: استنُّوا.
(٤) أنساب الأشراف ٧/ ٥٢٠ - ٥٢١، وتاريخ الطبري ٧/ ٢٣٨ - ٢٣٩. وينظر "الأغاني" ٧/ ٧٥. ومن قوله: وبلغ مروان بن محمد … إلى هذا الموضع، ليس في (ص).