للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وجاء عبد الله بنُ عُمر من الحِيرة، وخرج إليه عبدُ الله بنُ معاوية فيمن بايعه من الشيعة، فالتَقَوْا بين الكوفة والحِيرَة، فانهزم الناس معه، وبقي ابن معاوية وحدَه، فقال:

تَفَرَّقَتِ الظِّباءُ على خِراشٍ … فما يدرى خِراشٌ (١) ما يَصِيدُ

ثم عاد إلى الكوفة، وخرج إلى المدائن، وتبعَه قوم من أهل الكوفة، فمضى إلى الجبال وحُلوان، فغلب عليها وعلى هَمَذَان، وأصبهان والرّيّ، وخرج إليه عَبيدُ أهل الكوفة، وقال:

ولا يُعجِبَنَّك قولُ امْرِئٍ … يُخالفُ ما قال في فِعْلِهِ (٢)

وقال أبو عبيدة مَعْمَر: قدمَ عبدُ الله والحسنُ ويزيدُ بنو معاوية بن عبد الله بن جعفر على عبد الله بنِ عُمر بنِ عبد العزيز وهو عامل على الكوفة، فنزلُوا في دار مولًى لهم يقال له: الوليد بن سعيد، فأكرمَهم ابنُ عمر. وأجازهم، وأجرى عليهم في كلّ يوم ثلاث مئة درهم.

فبينما هم كذلك مات يزيد الناقص، وبايعَ الناسُ أخاه إبراهيمَ، ومِن بعدِه لعبد العزيز بن الحجَّاج، وقُدم ببيعتهما على عبدِ الله بنِ عُمر وهو بالكوفة، فندبَ الناسَ إلى بيعتهما، فبايعوا، فبينا هم على ذلك؛ ورد الخبر أن مروان قد سار من الجزيرة إلى الشام، وأنه امتنعَ من بيعة إبراهيم وعبدِ العزيز، فزاد ابنُ عُمر عبدَ الله بنَ معاوية على ما كان يُجريه عليه، واحتبسَه عنده، وأعَدَّهُ لمروان إن ظهرَ على إبراهيم يبايعُه (٣) ويقاتل به مروان. وماجَ الناسُ في الفتنة.

ولمَّا ظهر مروانُ على إبراهيم قدم الكوفةَ إسماعيلُ بنُ عبد الله القَسْري أخو خالد هاربًا من مروان -وكان في عسكر إبراهيم- وافتعل كتابًا على لسان إبراهيم بولاية الكوفة، وأخبر اليمانيَّة بذلك سرًّا أنَّ إبراهيم ولَّاه الكوفةَ والعراق.


(١) في "تاريخ" الطبري ٧/ ٣٠٣، و"الأغاني" ١٢/ ٢٢٩: خداش (في الموضعين).
(٢) تاريخ الطبري ٧/ ٣٠٣. وينظر "الأغاني" ١٢/ ٢٢٨ - ٢٣٢.
(٣) في "أنساب الأشراف" ٧/ ١٦٤، و"تاريخ" الطبري ٧/ ٣٠٤: ليبايع له.