للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وأمَّا رِفاعةُ بنُ ثابت، فأَفْلَتَ إلى العراق، وكان منصورُ بنُ جمهور قد لحق بالسِّند، فمضى إليه، فأكرمه وولَّاه، وخلَّفه مع أخيه منظور بن جمهور.

وخرج منصور من السِّند غازيًا، فوثبَ رِفاعةُ على منظور فقتلَه، واستولى على البلد، وكان منصورٌ قد توجَّه إلى المُلْتَان (١)، وأخوه بالمنصورة، فرجع منصور إلى المنصورة، فأخذَ رِفاعَة، فبَنَى له أسطوانةً من آجرّ مجوَّفة، وأدخلَه فيها، ثم سَمَّرَه فيها (٢)، وبَنَى عليه.

وأقام مروان بِدَير أيوب (٣).

وفيها بايع مروانُ بالعهد لابنَيه عُبيد الله وعبد الله بدَير أيوب (٤)، وزوَّجَهما ابنتَي هشام بن عبد الملك: أمَّ هشام وعائشة، وجمعَ لذلك أهلَ بيتِه، منهم من ولد عبد الملك: محمدٌ وسعيد وبكَّار، وأولاد الوليد وسُليمان ويزيد وهشام، وغيرُهم، وأشرافُ العرب.

وقطعَ على أهل الشام بعثًا، وقوَّاهم بالعطاء، وجعل على كلِّ جند [منهم] قائدًا [منهم]، وأمرهم باللَّحاق بيزيد بن عُمر بن هبيرة في عشرة آلاف من أهل الجزيرة وقِنَّسْرِين، وأمرَه أن ينزلَ دورين (٥) حتى يأتيَه أمرُه.

وانصرف مروان من دَير أيوب وقد استقام له الشامُ كلُّه إلا تدمر، فسار حتى نزل القَسْطَل من أرض حمص ممَّا يلي تدمر، وبينهما مسيرةُ ثلاثةِ أيام، وبَلَغَهُ أنهم قد غوَّرُوا ما بينه وبين تدمر من المياه، وطمُّوا الآبار بالصخر، فهيَّأَ المَزَادَ والقُرَب، وأمرَ مَنْ معه بحمل المياه، فكلَّمه سليمانُ بنُ هشام والأبرشُ الكلبيُّ بأن يُعْذِرَ إليهم ويحتجَّ عليهم، فأجابَ إلى ذلك. وقال للأبرش: وَجِّهْ إليهم. فبعث [الأبرشُ] أخاه عَمْرَو بنَ الوليد يحذِّرُهم ويُنذرُهم ويُخوِّفهم هلاكَ قومِهم، فطردُوه ولم يُجيبوه، فسألَه [الأبرشُ]


(١) المُلْتان -أو: المُوْلتان- بلد في الهند على سمت غزنة. ينظر "معجم البلدان" ٥/ ٢٢٧.
(٢) أي: شدَّه فيها. وفي "تاريخ" الطبري ٧/ ٣٦٤: سمَّره إليها. وينظر تفصيل الخبر فيه. وينظر أيضًا "أنساب الأشراف" ٧/ ٥٧٤ - ٥٧٥.
(٣) من قوله: قال مخلد بن محمد بن صالح (قبل صفحتين) … إلى هذا الموضع، ليس في (ص).
(٤) في "تاريخ" الطبري ٧/ ٣١٤: "وأقبل مروان من دَير أيوب حتى بايع لابنيه عُبيد الله وعبد الله". ولم يرد في (ص) الكلام الآتي بعده بطوله حتى ترجمة بلال بن أبي بردة.
(٥) لم أقف على من ذكرها. وجاء في "تاريخ" الطبري ٧/ ٢٠٥ أنها أرض أُقطِعها هشام بن عبد الملك.