للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وفيها خلع سليمانُ بنُ هشّام مروانَ بنَ محمد.

قد ذكرنا مُقامَ سليمان بالرُّصافة (١)، فلما أقبلَ البعث الذي قطعَه مروان على أهل الشام -وهم عشرة آلاف ليبعثهم إلى يزيد بن عُمر بن هبيرة (٢) - ووصلُوا إلى الرُّصافة؛ دَعَوْا سليمان إلى خلع مروان، فقالوا: أنت أولى بالخلافة منه، وأرْضَى عند أهل الشام.

فأجابَهم، وخرجَ بأولاده وإخوته ومواليهم (٣)، فعسكر بهم، وسار إلى قِنَّسْرِين، وكاتبَ أهلَ الشام، فأقبلُوا إليه من كلِّ ناحية.

وبلغ مروانَ وهو بقَرْقِيسيا، فقال لابن هُبيرة: أقِمْ بدُورين في عسكرك. ودخلَ من تخلَّف من موالي سليمان وولدِ هشام حصن الكامل -وهو بالبَرِّيَّة بمكان يقال له: الهَنِيّ- فتحصَّنُوا فيه. فأرسل إليهم مروان: لا تتعرضوا إليّ ولمن يتبعُني بسوء، فلا عهد لكم عندي.

وسار (٤) في سبعين ألفًا من أهل الشام والقبائل، فكانوا يخرجون من حصن الكامل، فيتبعون من يلحقُ بمروان، فيسلبونهم سلاحَهم وخيولَهم.

وجاء مروان فنزلَ بقرية من أعمال قِنَّسْرِين يقال لها: خُساف (٥) في سبعين ألفًا، وجاء سليمان، واقتتلوا (٦)، فهزمَه مروانُ، واستولَى على عسكره، وقال: اقتُلُوا الأُسارى إلا عبدًا مملوكًا، فقَتَلُوا يومئذٍ نَيِّفًا وثلاثين ألفًا.


(١) سلفت الإشارة إليه قريبًا قبل ذكر سبب خروج الضَّحَّاك.
(٢) وذلك لمحاربة الضّحّاك بن قيس. ينظر "تاريخ" الطبري ٧/ ٣٢٣ - ٣٢٤.
(٣) في "تاريخ" الطبري ٧/ ٣٢٤: ومواليه.
(٤) أي: سليمان. وحقُّ هذه العبارة: وسار سليمان … الخ أن تأتي بعد قوله الآتي: فكانوا يخرجون من حصن الكامل … الخ. ينظر "تاريخ" الطبري ٧/ ٣٢٤.
(٥) في (خ) و (د): أخشاف. والمثبت من "تاريخ" الطبري ٧/ ٣٢٤ وخُساف: بَرِّيَّة بين بالِس وحلب، ذكرها ياقوت في "معجم البلدان" ٢/ ٣٧٠.
(٦) الذي نزل بُخساف في نحوٍ من سبعين ألفًا (كما في المصدر السابق) هو سليمان بن هشام. ثم دنا منه مروان واقتتلوا … إلخ.