للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقُتل إبراهيمُ بنُ سليمان، وكان أكبرَ ولده، وأُتِيَ بخالد بن هشام المخزومي خالِ هشام [بن عبد الملك] وكان بادنًا وهو يلهث، فقال له مروان: أَي فاسقُ، أما كان لك في خمر المدينة وقِيانها ما يشغلُك عن قتالي؟ فقال له: يا أمير المؤمنين، أكرهني سليمانُ، فأنشُدُك اللهَ والرَّحِمَ. قال: وتكذبُ أيضًا؟! كيف أكرهك وقد خرجتَ بالقِيانِ وزِقاقِ الخمر والبَرابط؟! ثم ضَرَبَ عنقَه.

وادَّعى كثيرٌ من الجند أنهم رقيق، فأمَرَ ببيعهم فيمن يزيد (١).

وأمَّا سليمان؛ فمضَى هاربًا إلى حمص وانضمَّ إليه مَنْ أفلَتَ ممَّن كان معه، فعسكر بها، وبنى ما كان مروانُ أمرَ بهدمه من سُورها.

ونزل مروان على حصن الكامل، فضربَه بالمجانيق، فنزلُوا على حكمه، فقتلَ منهم نحوًا من ثلاث مئة، ومثَّل بهم شرَّ مِثْلَة، ومضى جماعةٌ إلى الرَّقَّة مجرَّحين، وهلك أكثرُهم (٢).

وعاد مروان إلى حمص، فلمَّا كان قريبًا منها؛ اجتمع أهلُها ومن كان مع سليمان وقالوا: إلى متى ننهزم من مروان؟! تَعَالوْا حتى نبايع على الموت. فبايع منهم تسعُ مئة، وأجمعوا على تبييت مروان، فبلغَه ذلك فاحترز، فتهيَّؤوا له، وكمنوا في زيتونٍ على طريقه بقريةٍ بجَبَل السَّمَّاق يقال لها: تل منّس. وكان لا يسير إلا على تعبئة. فنادى أصحابَه، والتَقَوْا، فاقتتلُوا من لَدُن ارتفاع النهار إلى بعد العصر، وكان معاويةُ السَّكْسَكيُّ على شرطة سليمان، فأُخذ أسيرًا، وأُتيَ به إلى مروان، فقال: الحمدُ لله الذي أمكَنَني منك، فطالما بلغتَ منّا. فقال له: استَبْقِني، فإني فارسُ العرب. قال: كذبتَ، الذي جاء بك أَفْرَسُ منك. وكان أسرَه فارسٌ من بني سُليم، فأوثقَه، وانهزمَ سليمان، وقَتَلَ منهم مروانُ سبعة آلاف (٣).

ولما وصل سليمان إلى حمص خلَّفَ أخاه سعيدَ بنَ هشام بها، ومضى هو إلى تدمر، فأقام بها.


(١) تاريخ الطبري ٧/ ٣٢٥. وينظر "أنساب الأشراف" ٧/ ٥٧٩ - ٥٨٠.
(٢) الذي في "تاريخ" الطبري ٧/ ٣٢٥ أنه هلك بعضهم، وبقي أكثرُهم، وكانت عِدَّتُهم جميعًا نحوًا من ثلاث مئة.
(٣) في "تاريخ" الطبري ٧/ ٣٢٦: ستة آلاف.