للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وجاء مروان فحصرَ حمصَ عَشَرَةَ أشهر، ونصبَ عليها نيِّفًا وثمانين منجنيقًا تضربُ ليلًا ونهارًا، وهم مع ذلك يخرجون إليه، فيقاتلونه ويبَيِّتُون بعضَ عسكرِه، فلمَّا طال عليهم وأيقنوا بالهلاك؛ راسلوه يطلبون منه الصُّلح، فقال: على أن تُسْلِمُوا إليَّ سعيدَ بنَ هشام وابْنَيه عثمانَ ومروانَ، وحَبَشيًّا كان يُشرفُ من السُّور، فيشتمُ مروانَ أقبحَ شَتْم والقبائل (١)، فسلَّمُوهم إليه، فقتلَ الحَبَشيَّ، ومثَّلَ به، وأوثقَ سعيدًا وابنَيه. وسار إلى قرقيسيا ليجهِّزَ ابنَ هبيرة إلى الضحَّاك.

وقيل: إنَّ سليمان لما هُزم على خُساف هرب إلى واسط، فكان عند عبدِ الله بنِ عمر، وأنه بايع الضَّحَّاك بنَ قيس الخارجيَّ، وقال: أنا سائرٌ معك أُقاتلُ مروان. فقال شُبيل بن عَزْرة الضُّبعيُّ:

ألَمْ تَرَ أنَّ اللهَ أَظْهرَ دينَهُ … وصَلَّتْ قُريشٌ خَلْفَ بَكْرِ بنِ وائلِ (٢)

ولما اتفقَ ابنُ عُمر وسليمان وابنُ جُمهور وصاروا يدًا واحدة؛ علم النَّضْر بنُ سعيد الذي ولَّاه مروان العراق أنَّه لا طاقة له بهم، فهربَ ولحقَ بمروان (٣).

ولما استقام الشامُ لمروان في ذي القَعْدَة سنة سبع وعشرين ومئة، بعثَ (٤) يزيدَ بنَ عُمر بن هُبيرة في جندٍ كثيف من الشام والجزيرة لقتال الضحَّاك، وولَّاه العراق، فسار حتى نزل نهر سعيد بن عبد الملك.

وقيل: اتفق الضَّحَّاك مع ابنِ عمر على أنَّ بيد الضَّحَّاك الكوفةَ وسوادَها، وبيدِ ابن عُمر كَسْكَر ومَيسان وكُوَر دِجْلَة والأهواز وفارس، واتفقوا على قتال مروان (٥).

وسار الضَّحَّاك في ذي القَعْدَة على طريق الموصل، وانحطَّ ابنُ هُبيرة من نهر سعيد، فنزل غَزَّة من أرض عين التمر، وكان عاملَ الكوفة للضحاك المثنَّى بنُ عمران، وبلغه


(١) لم ترد هذه اللفظة في الخبر في المصدر السابق، وجاء فيه أنهم يُسلِّمون إلى مروان سعيدًا وابنَيه، ورجلًا يسمى السكسكي، والحبشيّ المذكور.
(٢) تاريخ الطبري ٧/ ٣٢٧. وتحرف اسم الشاعر في (خ) و (د) إلى: شبل بن عروة.
(٣) المصدر السابق.
(٤) في (خ) و (د): وبعث. والمثبت هو الصواب، وينظر "تاريخ" الطبري ٧/ ٣٢٧.
(٥) ينظر "تاريخ" الطبري ٧/ ٣٢٧ - ٣٢٨.