للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

نزولُ ابن هُبيرة غَزَّة، فسار ومعه منصور بن جمهور، فالتَقَوْا على غَزَّة، فاقتتلوا قتالًا شديدًا أيامًا متوالية، فقُتل المثنَّى، وانهزم منصورٌ إلى الكوفة، وقُتل جماعةٌ من أعيان الخوارج، وانهزمَ الباقون، فقال مسلم حاجبُ يزيد بن هُبيرة:

أذَقْنَ المثنَّى (١) يومَ غَزَّةَ حَتْفَهُ … وأذْرَتْ عُزَيرًا بين تلك الجَنَادِلِ

وعَمْرًا أزارَتْه (٢) المَنِيَّةَ بعدما … أطافَتْ بمنصورٍ كعابُ (٣) الحبائلِ

وقال فيه غَيلان [بنُ حُرَيث]:

نُصِرْتَ يومَ العينِ إذ لَقِيتَا … كنصرِ داودٍ على جَالُوتَا (٤)

ولما انهزمَ منصور إلى الكوفة لا يلوي على شيء؛ جمعَ من كان بها من اليمانيَّة والصُّفْريَّة ومَنْ وصلَ منهم من الغلب، ومَنْ تخلَّفَ منهم عن المسير مع الضَّحَّاك، وسار بهم حتى نزل بهم الرَّوْحَاء، وجاء ابنُ هُبيرة، فاقتتلُوا أيامًا، فانهزمَ منصور، ودخلَ ابنُ هُبيرة الكوفة، ونَفَى الخوارجَ عنها، وولَّى عليها عبدَ الرحمن بنَ بشير العِجْلي.

وبلغَ الضَّحَّاك ما جرى على أصحابه، فبعث إلى ابنِ هُبيرة عُبيدةَ بنَ سَوَّار التغلبيَّ، فجاء فنزل الصَّرَاةَ (٥)، وانضمَّ إليه منصورُ بنُ جمهور، وكان ابنُ هُبيرة قد عزم على المسير إلى واسط وبها ابنُ عمر، فبلغَه حديثُ عُبيدة، وأنَّه على الصَّرَاة، فسار إليه، فاقتتلُوا أيَّامًا (٦).

وفيها تَوَجَّهَ سليمانُ بنُ كثير ولاهز بنُ قُرَيْط (٧) وقحطبة بنُ شبيب إلى مكة، وكان قد حجَّ إبراهيم بن محمد الإمام، فاجتمعوا به، وأخبروه أنَّ معهم عشرين ألفَ دينار،


(١) في "تاريخ" الطبري ٧/ ٣٢٨: أرَتْ للمثنّى.
(٢) في (خ) و (د) (والكلام منهما): وعمر أن أردَتْه. والمثبت من "تاريخ" الطبري ٧/ ٣٢٨. وعَمرو، وعُزَيْر (في البيت قبله) من رؤساء أصحاب الضحّاك.
(٣) في المصدر السابق: كفات.
(٤) المصدر السابق، وما سلف بين حاصرتين منه.
(٥) الصَّرَاة: نهران ببغداد، الصَّرَاة الكبرى، والصَّرَاة الصغرى. معجم البلدان ٣/ ٣٩٩.
(٦) ينظر ما سلف في "تاريخ" الطبري ٧/ ٣٢٨ - ٣٢٩.
(٧) في "تاريخ" الطبري ٧/ ٣٢٩: قريظة، وفي "الكامل" ٥/ ٣٣٩: قريظ.