للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

واختلفت الروايات في كيفية إظهار الدعوة، فقال قوم: لم يزل أبو مسلم يختلف إلى خراسان حتى وقعت الفتنةُ والعصبيَّة بها وانتقض الحبل. فكتب سليمانُ بنُ كثير إلى أبي سلمة [الخلَّال] وهو بالكوفة يسألُه أن يكتب إلى الإمام إبراهيم أن يبعثَ رجلًا من أهل بيته، فكتبَ أبو سَلَمة إلى إبراهيم، فبعثَ أبا مسلم.

فلما كان في هذه السنة (١)؛ كتبَ إبراهيمُ إلى أبي مسلم أن يَقْدَمَ عليه ليسألَه عن أخبار الناس، فخرجَ في النِّصف من جُمادى الآخرة في جماعة من الشيعة كأنه يُريد الحجَّ، وسار على بلاد خُراسان، فمرَّ على بِيوَرْد (٢) ونَسَا وقُومس، وجرت له في طريقه خُطوبٌ مع عمَّال نَصْر بن سيَّار، فلما وصل إلى قُومِس؛ تلقَّاه رسولُ إبراهيم بكتابين، أحدهما إليه، وفيه: قد بعثتُ إليك براية النَّصر، فارْجعْ من حيثُ يلقاك كتابي هذا، ووَجِّهْ إليَّ قحطبة بنَ شبيب بما معك يوافيني به المَوْسم.

فعاد أبو مسلم إلى خُراسان، وبعثَ إليه بقحطبة، وقدمَ أبو مسلم مَرْو في [أوّل يوم من] شهر رمضان سنة تسع وعشرين [ومئة] (٣).

والكتاب الآخر إلى سليمان بنِ كثير، فدفعَه أبو مسلم إليه، وفيه: أَظْهِرْ دعوتَك ولا تتربَّصْ، وأرْسِلْ إلى الشيعة وأخْبِرْهُم.

ونزل أبو مسلم قرية من قرى مَرْو؛ يقال لها: سِيكيذنج (٤)، والكِرْماني وشيبان الخارجيّ يُقاتلان نَصْرَ بنَ سيَّار، فبثَّ أبو مسلم الدعوةَ وأظهرَها يوم الفِطْر.

وفي رواية: أنَّ أبا مسلم جهَّز قحطبة إلى إبراهيم من قُومِس، وبعث معه بالأموال التي اجتمعت عنده، وعادَ إلى مَرْو، فنزلَ قريةً يقال لها: فنين، وأظهر الدعوة في شعبان (٥). والأصحُّ في رمضان.


(١) يعني سنة (١٢٩).
(٢) في (خ) و (د): بيروند، والمثبت من "تاريخ" الطبري ٧/ ٣٥٤، وهي أبِيوَرْد، وهي ونَسا وقُومِس من مدن خُراسان.
(٣) تاريخ الطبري ٧/ ٣٥٥، وما سلف بين حاصرتين منه.
(٤) كذا في (خ) و (د): سين ثم ياءان، بينهما كاف، ثم ذال معجمه ونون وجيم. وهي على الأغلب اللفظة الأعجمية للفظة: سِيقَذَنْج؛ ذكرها السمعاني في "الأنساب" ٧/ ٢٢٤ (السيقذنجي) وقال: هي قرية من قرى مَرْو على ثلاثة فراسخ منها. ووقعت في "معجم البلدان": سِيفَذَنْج (بالفاء)، وفي "تاريخ" الطبري ٧/ ٣٥٥: سفيذنج (بتقديم الفاء).
(٥) تاريخ الطبري ٧/ ٣٥٥.