للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فلمَّا تَأمَّلَ مروانُ الكتابَ قال لحامله: لا تُرَعْ، كم دفعَ إليك صاحبك قال: كذا وكذا، فقال: هذه عشرة آلاف درهم، واكتُمْ أمر الكتاب. فكتَمَه وحبَسَه مروان (١).

وكان في الكتاب:

دونَكَ أَمْرًا قَدْ بَدَتْ أشْراطُهُ … إنَّ السبيلَ واضحٌ سِراطُهُ (٢)

لم يبق إلا السيفُ واختراطُهُ

وقيل: إن رسولَ أبي مسلم لمَّا أخَذَ الجوابَ من إبراهيم؛ تقرَّبَ به إلى مروان.

فكتبَ مروان إلى الوليد بن معاوية بن عبد الملك -وهو عاملُه على دمشق- أن يكتب إلى عامل البلقاء أن يسيرَ إلى كداد والحَمَّة (٣)، ويوثِقَ إبراهيم بن محمد، ويحملَه إلى حرَّان. فأخذه عاملُ البلقاء أخذًا عنيفًا، وكان يصلِّي في مسجد القرية، فأوثَقَه وكفَّ رأسَه في كساء، وبعثَ به إلى مروان ومعه عِدَّةٌ من أهله يشيِّعُونه؛ عبدُ الله بنُ عليّ، وعيسى بنُ عليّ، وعيسى بنُ موسى، فلمَّا وصلُوا حرَّان؛ انصرفُوا عنه، فأحضرَه مروانُ ووبَّخَهُ وشَتَمه، وأغلظَ له، ونال من بني هاشم وقال: يا منافق، فعلتَ كذا وكذا؟ فأنكر، فأخرج كتابَه والرسولَ، فأُسْقِطَ في يده، وقال له مروان: أيرجو مثلُك أن ينال الخلافة؟! فغضبَ إبراهيم وقال: قد رجَوْتُها، وأنتَ ابنُ طريدِ رسول الله ولعينِه، أفلا أرجوها أنا وأنا ابنُ عمِّ رسول الله ، وأبي وليُّه؟! فأمر بضربه وحَبْسِه، فحُبس مع عبد الله بنِ عمر بن عبد العزيز (٤).


(١) الرواية في "مروج الذهب" ٦/ ٦٩، و"الروض المعطار" ص ٢٠٠ أن الرجل الخُراساني قد أُتيَ به إلى مروان وهو يحمل كتاب أبي مسلم إلى إبراهيم، فأعطاه مروان عشرة آلاف درهم، على أن يكتم الأمر، ويوصل الكتاب إلى إبراهيم، ثم يعود إليه بما يكتبُ به إبراهيم إلى أبي مسلم.
(٢) يعني صراطه، يقال بالسين والصاد، وجاءت اللفظة بالصاد في "أنساب الأشراف" ٣/ ١٣٨، و"مروج الذهب" ٦/ ٧٢.
(٣) في "أنساب الأشراف" ٣/ ١٣٦: الحُميمة (تصغير الحَمَّة) ويقال لها كذلك، وهي قرية من كوَر دمشق من أعمال البلقاء، وتكرَّر ذكرها. ووقع في "تاريخ" الطبري ٧/ ٣٧٠: كرار الحميمة، وفي "مروج الذهب" ٦/ ٧٠: الكرار والحميمة.
(٤) أنساب الأشراف ٧/ ١٣٦ - ١٣٧، ومروج الذهب ٦/ ٧٠ - ٧١.