للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

إليه (١): ويحك لا تفعل، فإني واللهِ خائفٌ عليك منه، ولكن هلمَّ إلى المُوادعة؛ أدخلُ مَرْو أنا وأنت، ونكتبُ كتاب الصُّلح.

وجاء نصر في عسكره، فدخل مَرْو، ودخلَ الكِرْمانيُّ دارَه، وأبو مسلم مقيمٌ في عسكره قريبًا من مَرْو. [و] ركب الكِرْمانيُّ في مئة فارس، وبعث إلى نصر: اخْرُجْ إليَّ حتى نتَّفقَ على الصُّلْح، فلاحَ لنصرٍ منه غِرَّةٌ، فبعثَ إليه ابنَ الحارثِ بنِ سُريج في ثلاث مئة فارس، فالتَقَوْا في الرَّحْبة، فطُعن الكِرْمانيُّ في خاصرته، فوقع من فرسه، وحُمل إلى نصر، فقَتَلَه وصَلَبَه بالرَّحْبة.

وأقبلَ عليُّ ابنُ الكرمانيِّ في جمع عظيم إلى نصر، فقاتلَه، فخرجَ نصرٌ من مَرْو، وأرسلَ عليُّ بنُ جُدَيع الكرمانيّ إلى أبي مسلم، فجاء فأنزلَه دارَ الإمارة بمَرْو، وبايعَه وقال: أنا معك على أمرك، فمُرْني بما تريد. وأقاما بمَرْو (٢).

وفيها غلبَ عبدُ الله بنُ معاوية على فارس.

قال علماء السِّيَر: لما هزم عبدُ الله بنُ عمر بن عبد العزيز عبدَ الله بنَ معاوية بن عبد الله بن جعفر بالكوفة؛ خرج إلى المدائن (٣)، وأتاه قومٌ من أهل الكوفة، فخرج إلى حُلْوان والجبال، فاستولَى عليها وعلى قُومِس وأصبهان والرَّيّ، وكان محاربُ بنُ موسى مولى بني يشكر عظيمَ القدر بفارس، فبايَع لابن معاوية، وخرجَ به إلى كِرْمان، ثم إلى أصبهان، وذهب به إلى إصطخر -بلد فارس- فولَّى عبدُ الله أخاه الحسن على الجبال، واستعمل أخاه يزيد على فارس، وانضمَّ إليه سليمان [بن هشام] بن عبد الملك، ومنصورُ بنُ جُمهور، وبنو هاشم، وشيبان الخارجيُّ، وأبو جعفر المنصور عبد الله، وعيسى بن علي (٤)، فأقاموا بفارس.

ثمَّ إنَّ محاربَ بنَ موسى نافَرَ عبدَ الله بنَ معاوية وحارَبَه، وكان يزيد بن معاوية أخو عبد الله بسابور، وكان مخلد بن محارب عنده فحبَسَه، ونصبَ محارب الحربَ


(١) أي: إلى الكِرْماني.
(٢) تاريخ الطبري ٧/ ٣٧٠ - ٣٧١، والكامل ٥/ ٣٦٤ - ٣٦٥. وينظر "أنساب الأشراف" ٧/ ١٤٤ - ١٤٥.
(٣) ينظر ما سلف في ذلك أوائل أحداث سنة (١٢٧).
(٤) في "تاريخ" الطبري ٧/ ٣٧٢: وعبد الله وعيسى ابنا علي. ولفظ "بن هشام" السالف بين حاصرتين منه.