للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

لعبد الله، فقيل له: ابنك في حبس أخيه وتُقاتُله؟! فقال: نعم. وقاتَلَه، فهزمه عبدُ الله، فأتى كِرْمانَ، فأقام بها، وقدم محمدُ بنُ الأشعث (١)، فصار معه ثم قاتَلَهُ، فقتلَهُ محمد (٢) وأربعةً وعشرين ابنًا معه، ولم يزل عبد الله بن معاوية بإصْطَخْر، فبعث إليه يزيدُ بنُ عمر بن هُبيرة ابنَ ضُبارة مع داود ابنِه، فأمرَ ابنُ معاوية فكسروا قنطرةً بينهم، فوجَّه ابنُ هُبيرة مَعْنَ بنَ زائدة من وجه آخر، فقاتلَهم، فهربَ ابنُ معاوية من فورِهِ إلى سِجِسْتان، ومضى شيبان الخارجيُّ إلى جزيرة كاوان، ومضى منصورُ بنُ جُمهور إلى السِّند، وعَمرُو بنُ سَهْل بن عبد العزيز بن مروان إلى مصر، وأُسِرَ جماعةٌ من أصحاب ابنِ معاوية، منهم عبدُ الله بنُ علي بنِ عبد الله بن عبَّاس، فسبَّه ابنُ ضُبارة وقال له: ما الذي جاء بك إلى ابنِ معاوية وأنت مخالفٌ له -أو قد عرفتَ خلافَه لمروان- فقال: كان عليَّ دَينٌ فأتيتُه بسببه (٣)، واستَوْهَبَهُ منه حَرْبُ بنُ قَطَن الهلالي وقال: ابنُ أُختنا، فوهبَه له، وجهَّزَه إلى يزيد بن عُمر بن هُبيرة (٤).

وأقامَ ابنُ ضُبارة بمفازة كِرْمان يطلبُ عبدَ الله بنَ معاوية (٥).

وحجَّ بالناس [في هذه السنة] عبدُ الواحد بنُ سليمان بن عبد الملك بن مروان، فلم يدر الناسُ بعرفة إلا وقد طلعت أعلامٌ سُود على الرِّماح، وأبو حمزة الخارجيُّ قد أتى من حضرموت من عند عبد الله بن يحيى بن زيد مُحَكَّمًا مُظْهِرًا خلافَ مروان في سبع مئة فارس، ففزع الناسُ لمَّا رأَوْهُم، وقالوا: ما لكم؟ فأظهروا التحكيم (٦)، وسبُّوا مروانَ وآلَ مروان، فراسلَهم عبدُ الواحد [بن سليمان] وهو يومئذٍ على مكَّةَ والمدينة والطائف، وطلبَ الأمانَ حتى ينفر الناسُ النَّفْر الأخير، فأجابوه وقالوا: نحن بحجِّنا أضَنُّ، وعلى ديننا أَشَحُّ. ووقفُوا بعرفة ناحيةً.


(١) في (خ) و (د) (والكلام منهما): ابن محمد بن الأشعث، وهو خطأ. ومحمد بن الأشعث هو ابنُ يحيى الخزاعي، أحد قوَّاد بني هاشم، له ترجمة في "تاريخ دمشق" ٦١/ ١٣٥ (طبعة مجمع دمشق).
(٢) في (خ) و (د): ابن محمد، وهو خطأ. وينظر التعليق السابق.
(٣) في "تاريخ" الطبري ٧/ ٣٧٤: كان عليَّ دَيْنٌ فأدَّيتُه.
(٤) تاريخ الطبري ٧/ ٣٧٤ وجاء بعده فيه: فحمله ابن هُبيرة إلى مروان.
(٥) المصدر السابق. ومن فقرة: ذكر أسامي النُّقباء (أوائل أحداث هذه السنة) إلى هذا الوضع، ليس في (ص) إلا لفظ: "وفيها قتل علي بن جديع الكرماني" على قلب في الاسم مثل ما وقع في (خ) و (د)، وصححتُه في موضعه.
(٦) في (خ) و (د): التحكم. والمثبت من (ص). وما سلف بين حاصرتين من "تاريخ" الطبري ٧/ ٣٧٦.