للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ودفعَ بالناس عبدُ الواحد [بن سليمان] ونزلَ بمنًى، ونزلَ أبو حمزة بقرن الثعالب (١)، فأرسل إليه عبدُ الواحد بوجوه الناس: عبدِ الله بن حسن بن حسن، ومحمدِ بنِ عبد الله بن عَمرو بن عثمان، وعبدِ الرحمن بنِ القاسم بن محمد بن أبي بكر الصِّدِّيق، وعُبيدِ الله بنِ عُمر بن حفص (٢) بن عاصم، وربيعةَ بنِ أبي عبد الرحمن، وغيرِهم، فدخلوا عليه، فتقدَّم عبدُ الله بنُ حسن، ومحمدُ بنُ عبد الله، فقال: انْتَسِبَا. فانْتَسَبَا له، فعبَسَ في وجوههما، ثم تقدَّم عبدُ الرحمن بنُ القاسم، وعُبيد الله بنُ عمر، فقال: انْتَسِبَا. فانتسَبَا، فتبسَّم إليهما وقال: واللهِ ما خرَجْنا إلا لنسير بسيرة أبويكما (٣). فقال له عبد الله بنُ حسن: واللهِ ما بعثَ بنا الأميرُ لنفضِّل بين آبائنا، ولكن جئنا برسالة، وهذا ربيعةُ يخبرك بها. فقال ربيعة: هل يُنقض العهد؟ قال: لا والله، معاذَ الله أن أنقضَ العهدَ وبينا وبينكم هُدْنةٌ حتى تنقضي. وخرجُوا من عنده، وأخبرُوا عبدَ الواحد.

فلما انقضى النَّفْر الأوَّل مضى عبد الواحد إلى المدينة وخلَّى مكة لأبي حمزة، فدخلَها من غير قتال (٤) فقال شاعر يهجوه:

زار الحجيجَ عصابةٌ قد خَالفوا … دِينَ الإلهِ وفَرَّ عَبْدُ الوَاحِدِ

تركَ الحلائلَ والإمارةَ هاربًا … ومَضَى يُخَبِّظ كالبعيرِ الشارِدِ (٥)


(١) قرن الثعالب هو قرن المنازل، وهو ميقات أهل نجد. ينظر "مشارق الأنوار" ٢/ ١٩٩. ووقع في "تاريخ" الطبري ٧/ ٣٧٥: قُرين الثعالب.
(٢) في (خ) و (د): عبد الله بن عمر بن جعفر، والتصويب من "تاريخ" الطبري ٧/ ٣٧٥. وكذا في الموضع الآخر.
(٣) في (خ) و (د): أبيكما. والتصويب من المصدر السابق.
(٤) جاء آخر القصة في (ص) مختصرًا، وصورته: فأرسل إليه عبدُ الواحد بن سليمان بوجوه الناس وقالوا: قد جئنا برسالة. قال: وما هي؟ قال: هل يُنقَضُ العهد؟ قال: لا والله، معاذ الله أن أنقض العهد وبيننا وبينكم هُدْنة حتى تنقضي. وخرجوا من عنده، وأخبروا عبد الواحد، فلما انقضى النفر الأخير مضى عبد الواحد إلى المدينة وخلَّى مكة لأبي حمزة، فدخلَها من غير قتال والفتنة قائمة.
(٥) ينظر الخبر بتمامه في "تاريخ" الطبري ٧/ ٣٧٤ - ٣٧٦، وفيه بيت ثالث. وقوله: فقال شاعرهم يهجوه، مع البيتين، ليس في (ص).