للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقال أبو حنيفة: قدمتُ المدينة، فرأيت الناسَ على ربيعة، ولم أرهم على أبي الزِّناد، وكان أفقهَ من ربيعة، فقلت له: يا أبا الزناد، أنتَ أفقهُ منه، والعملُ عليه دونك! فقال: أما علمتَ أن كفًّا من حظٍّ خيرٌ من جِرابٍ من علم (١).

وقال الليث بن سعد: رأيتُ أبا الزناد وخَلْفَهُ ثلاثُ مئة طالب علم وفقه وشعر وأصناف العلوم، ثم لم يلبث أنْ بقيَ وحدَه، وأقبلوا على ربيعة، وكان يقول: شِبْرٌ من حظٍّ خيرٌ من جِرابٍ من علم (٢).

وكان الإمام أحمد يثني على أبي الزِّناد ويقول: ثقة صدوق فصيح، كثير الحديث (٣).

وقال ابن معين: كان مالك بن أنس لا يرضى أبا الزناد ويقول: كان كاتبًا لهؤلاء. يعني بني أمية (٤).

وكان لأبي الزناد ولد اسمُه عبدُ الرحمن، وكنيتُه أبو محمد، وَلِيَ خَراجَ المدينة، وقدمَ بغداد ومات بها سنة أربع وسبعين ومئة وهو ابنُ أربع وسبعين سنة (٥).

و [أخوه أبو] القاسم بن أبي الزناد رُويَ عنه الحديث (٦).

ولعبد الرحمن ولد اسمُه محمدٌ، بينه وبين أبيه في السنّ سبعَ عشرةَ سنة، وفي الوفاة إحدى وعشرون ليلة (٧)، ومات ببغداد، ودُفن بمقبرة باب التبن، وكان قد لحق رجال أبيه؛ إلا أنَّه لم يرو عنهم في حياة أبيه احترامًا له، فلما مات روى عنهم (٨).


(١) المصدر السابق.
(٢) بنحوه في المصدر السابق.
(٣) هذا قول ابن سعد، ونقله عنه ابن عساكر، وسلف قريبًا.
(٤) تاريخ دمشق ٩/ ١٨٦.
(٥) في (خ) و (د): أربع وتسعين سنة، وهو خطأ؛ لأنه وُلد سنة مئة. والتصويب من "طبقات" ابن سعد ٧/ ٥٩٥، والكلام السابق فيه، وقال ابن سعد أيضًا: وكان كثير الحديث ضعيفًا. وينظر "تاريخ بغداد" ١١/ ٤٩٤، ٤٩٨.
(٦) وهو ثقة، وزدتُ ما بين حاصرتين من المصدر السابق.
(٧) في (خ) و (د): سنة، وهو خطأ. والتصويب من "طبقات" ابن سعد ٧/ ٥٩٥، و"تاريخ بغداد" ٣/ ٥٢٩ و ٥٣٣.
(٨) بنحوه في "طبقات" ابن سعد ٧/ ٥٩٥ - ٥٩٦، و "تاريخ بغداد" ٣/ ٥٢٩.