صواحبُ يوسف، فقالت: واعجباه نحن دعوناه إلى لذة وأنتم أردتم قتله، وقتل النَّفس أعظم ممَّا أردناه، فَمَنْ أصحابه نحن أو أنتم؟
وقال الفراء: جواب ﴿لَوْلَا أَنْ رَأَى بُرْهَانَ رَبِّهِ﴾ لَواقَعَ الفعل ﴿كَذَلِكَ لِنَصْرِفَ عَنْهُ السُّوءَ وَالْفَحْشَاءَ﴾ أي: الزنا والإثم ﴿إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا الْمُخْلَصِينَ﴾ [يوسف: ٢٤] أراد المختارين للنبوَّة. ومن قرأها بكسر اللام كأهل مكّة والبصرة أراد المخلصين لله في التوحيد والعبادة.
وقيل: إن البرهانَ قطفير، رآه عند الباب.
قوله تعالى: ﴿وَاسْتَبَقَا الْبَابَ﴾ الآية، قال علماء السير: لما رأى يوسف البرهان قام مبادرًا هاربًا ممَّا أرادته منه، واتبعته المرأة لتقضيَ حاجتها، فأدركته فتعلقت بقميصه فجذبته إليها وقدَّته من دُبرٍ لأنها كانت طالبةً وبوسفُ مطلوبٌ، فلما خرجا ﴿وَأَلْفَيَا سَيِّدَهَا لَدَى الْبَابِ﴾ أي: وجدا زوجها قطفير عند الباب جالسًا مع أبن عم لراعيل، وقيل: أن قطفير كان البرهان، فلما رأته هابته فسبقت بالقول إليه ﴿مَا جَزَاءُ مَنْ أَرَادَ بِأَهْلِكَ سُوءًا﴾ كَنَتْ عن الزنا ﴿إلا أَنْ يُسْجَنَ أَوْ عَذَابٌ أَلِيمٌ﴾ [يوسف: ٢٥] يعني بالضرب بالسياط فقال يوسف: ﴿هِيَ رَاوَدَتْنِي عَنْ نَفْسِي﴾ فهربتُ منها فأدركتني فشقت قميصي.
فإن قيل: فالفتى لا يكون غمازًا، فالجواب: ما ذكره نوف الشَّاميُّ، فإنَّه قال: ما كان يوسف يريد أن يذكره، فلما قالت: ﴿مَا جَزَاءُ مَنْ أَرَادَ بِأَهْلِكَ سُوءًا﴾ غضب وقال: ﴿هِيَ رَاوَدَتْنِي عَنْ نَفْسِي﴾.
قوله تعالى: ﴿وَشَهِدَ شَاهِدٌ مِنْ أَهْلِهَا﴾ واختلفوا في الشاهد على أقوال:
أحدها: أنَّه كان صبيًّا في المهد أنطقه الله تعالى، رواه العوفي عن ابن عباس وأبي هريرة. وفي حديث ابن عباس عن النَّبيِّ ﷺ أنَّه قال:"تكلَّم في المهد أربعة: ابن ماشطة فرعون، وصاحب يوسف، وصاحب جريج، وعيسى بن مريم"(١). وكان الصبي
(١) أخرجه أحمد في "مسنده" عن ابن عباس موقوفًا (٢٨٢١).