للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الخطيئة، فانحطَّ جبريل عاضًّا على إصبعه وهو يقول: يا يوسف، أتعمل عملَ السفهاء وأنت مكتوبٌ عند الله في ديوان الأنبياء؟! فذلك قوله: ﴿لِنَصْرِفَ عَنْهُ السُّوءَ وَالْفَحْشَاءَ﴾ [يوسف: ٢٤] قاله ابن عباس (١).

والرابع: أنَّه لما همَّ بها خرجت بينهما كفٌّ بلا جسد مكتوب عليها بالعبرانية: ﴿أَفَمَنْ هُوَ قَائِمٌ عَلَى كُلِّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ﴾ [الرعد: ٣٣] ثم انصرف الكف وقاما مقامهما ثم رجعت الكف وعليها مكتوب بالعبرانية: ﴿وَإِنَّ عَلَيكُمْ لَحَافِظِينَ (١٠) كِرَامًا كَاتِبِينَ (١١) يَعْلَمُونَ مَا تَفْعَلُونَ﴾ [الانفطار: ١٠ - ١٢] وانصرف الكف وقاما مقامهما ثم عادت الكف ثالثة وعليها مكتوب بالعبرانية: ﴿وَلَا تَقْرَبُوا الزِّنَا﴾ الآية، وانصرف الكف وقاما مقامهما؛ ثم عادت الكف رابعة، وعليها مكتوب بالعبرانية: ﴿وَاتَّقُوا يَوْمًا تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللَّهِ﴾ [البقرة: ٢٨١] فولى يوسف هاربًا، قاله وهب بن منبه.

قلت: ذكر هذه الأقوال الثعلبي وهي ضعيفة لوجوه:

أحدها: لأنَّ الأنبياء قد نُزِّهوا عن مثل هذا.

والثاني: لأنَّ يوسف قد كان يعلم أنَّ الزنا حرام وكذا مقدماته، وأنَّ ارتكاب الفاحشة قبيح، فكان البرهان الذي رآه العصمةَ عن مثل ذلك الفعل. وقد قال مقاتل: صارت زليخا في عينه سوداءَ مشوَّهة.

وروى علي بن الحسين عن أبيه عن جدِّه أنَّه قال في تفسير البرهان: إنه كان عندها صنم تعبده فغطت وجهه بثوب، فقال لها يوسف: ما هذا؟ فقالت: أستحيي أن يرانا، فقال: ويحك أنت تستحيين ممن لا يسمع ولا يبصر، أفلا أستحيي أنا ممن يسمع ويبصر (٢)؟

والثالث: أن القرآن لم يكن نزل على يوسف، فمن أين هذه الآيات التي ذكرها ابن عباس ووهب وغيرهما؟!

وقال جعفر بن سليمان: لقيتُ امرأة في بعض الطرق وهي ترفثُ، فقلت: إنكنَّ


(١) انظر "عرائس المجالس" ص ١٢٢.
(٢) انظر "عرائس المجالس" ص ١٢٣.