للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فما الَّذي أوصاك به قبل موته؟ قال: دفعَ إليَّ كتابًا وقال: اجْعَلْه بين يديَّ وكَفَني. فجعلتُه. فأخرجَ مالكٌ الكتاب وقال: أهذا هو؟ قال: إي والله. وصاحَ الغاسلُ وبكى، وارتفع الصياح في الدار والمحلَّة.

فقال شابٌّ من جيرانه: يا مالك، خُذْ منِّي مئتي ألف درهم، واضْمَنْ لي على الله مثلَ هذا. فقال: هيهات هيهات! كان ما كان (١).

ذكر وفاته:

واختلفوا فيها، فحكينا عن ابن سعد أنَّه قال: مات قبل الطاعون بيسير، وكان الطاعون في سنة إحدى وثلاثين ومئة (٢).

وقال غير ابن سعد: مات سنة سبع وعشرين (٣) ومئة. وقيل: سنة ثلاث وعشرين ومئة.

وقيل: تقدَّمت وفاتُه على هذا التاريخ؛ فروى ابن أبي الدنيا عن عبد الواحد بن زيد، وقيل له: ما كان سببُ وفاةِ مالك بن دينار؟ قال: رؤيا رآها، رأى مُسلمَ بنَ يسار في المنام، فقال له: ما فعل الله بك؟ قال: وما يكون من الكريم؟ قَبِلَ منَّا الحسناتِ، وتجاوزَ عن السيِّئات. قال: ثم شهق مالك، وخرَّ مغشيًّا عليه، ثم لبثَ أيَّامًا مريضًا، فيُرَوْنَ أنَّه انصدعَ قلبُه فمات (٤).

ومسلمُ بنُ يسار مات سنة مئة، أو إحدى ومئة.

أسند مالك عن أنس، والحسن البصري، وابن سيرين، وسعيد بن جبير، والقاسم بن محمد (٥).

قال مالك بن دينار: خرج سليمان بن داود يومًا في مَوْكبه، فمرَّ ببلبل على غصن يَصْفِر (٦)، وضرب (٧) بذنبه الأرض، فقال سليمان: أتدرون ما يقول هذا؟


(١) الخبر في "التوابين" ص ٢٥١ - ٢٥٣ باختلاف يسير.
(٢) طبقات ابن سعد ٩/ ٢٤٢.
(٣) في (خ) و (د) و (ص): سبع عشرة ومئة، وهو خطأ.
(٤) تاريخ دمشق ٦٦/ ٩٢. والكلام السالف لفظه من (ص)، ووقع في (خ) و (د) دون نسبة الأقوال لقائليها.
(٥) بعدها في (ص) (والكلام منها): وجعفر بن سليمان، وهو خطأ، إنما روى عنه جعفر.
(٦) في (ص): فصفر.
(٧) في "تاريخ دمشق" ٧/ ٥٩٥ (مصورة دار البشير- ترجمة سليمان ): ويضرب.