للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقال: أخَذَ السَّبُع ولدَ امرأة، فتصدَّقت بلقمة، فألقى السَّبُع ولدَها ونُوديَتْ: لُقْمةٌ بلُقْمة (١).

[ذكر الشابّ مع مالك بن دينار:

روى أبو عبد الله بن باكويه الشيرازي] (٢) قال جعفر بن سليمان: مررتُ أنا ومالكُ بنُ دينار بالبصرة، وإذا بشابٍّ من أحسنِ الشَّباب جالسٍ يَعْمُرُ قصرًا ويقول: افعلوا كذا وكذا. فتقدَّم إليه مالك، فسلَّم عليه وقال: كم في عزمك أن تنفق (٣) على هذا القصر؟ فقال: مئة ألف درهم. فقال: ألا تُعطيني هذا المال؛ أتصدَّقُ به، وأضمنُ لك على الله قصرًا في الجنّة بولْدانِه وقِبابِه وحُورِه وقُصورِه؟ فقال: أجِّلْني الليلة. فقال: نعم.

وبات مالك يدعو ليلتَه ويبكي، فلما كان عند السَّحَر إذا بالشَّابِّ قد أقبلَ ومعه البَدْر (٤)، فدَعَا مالك بدواة وقرطاس (٥)، وكتب: هذا ما ضَمِنَ مالكُ بنُ دينار لفلان ابن فلان على الله قصرًا في الجنَّة، فيه كذا وكذا. ووصَفَه، وأخَذَ الشابُّ الكتاب، ودفعَ المال إلى مالك، ففرَّقَه في الفقراء والمساكين وأرباب البيوت، ومضى على ذلك أربعون يومًا.

فبينا مالكٌ في محرابه قد صلَّى الفجر، وإذا بالكتاب مُلْقًى بين يديه، وفي ظهره مكتوب بالنور (٦): هذه براءةٌ من العزيز الغفَّار لمالك بن دينار أنَّا وَفَّينا للشابِّ بالقصر الَّذي ضَمِنْتَه له، وزِدْناه سبعين قصرًا.

قال: ففزع مالك، وأخَذَ الكتاب، وقصدَ منزل الشّابّ، وإذا بالبابِ مسوَّد والصُّراخ في الدار [والنعي على الباب] فقال: ما هذا؟ قالوا: مات الشّابُّ البارحة. قال: مَنْ غَسَّلَه؟ قالوا: فلان. قال: عليَّ به. فجاء فقال: أنتَ غسَّلْتَه؟ قال: نعم. قال:


(١) حلية الأولياء ٢/ ٣٨٤، وصفة الصفوة ٣/ ٢٨٤.
(٢) ما بين حاصرتين من (ص).
(٣) في (خ) و (د) و (ص): تعزم. والمثبت من "التوابين" ص ٢٥١، والكلام فيه بنحوه.
(٤) يعني الكيس الَّذي فيه المال. وفي "القاموس": البَدْر والبَدْرَة: كيس فيه ألف -أو عشرة آلاف- درهم أو سبعة آلاف دينار.
(٥) في (خ) و (د) و (ص): وميضا (؟) وهو -على الأغلب- سبق قلم. والمثبت من "التوابين" ص ٢٥٢.
(٦) في (ص): بالذهب.