للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وروى أبو نُعيم عنه أنَّه قال: اتَّقُوا السَّحَّارة -يعني الدنيا- فإنها تسحرُ قلوب العلماء (١).

[وقال:] وإنَّ العالم إذا لم يعمل بعمله زَلَّتْ موعظتُه عن القلوب كما يزلُّ القَطْرُ عن الصَّفَا (٢).

وقال: ما ضُرب عبدٌ بعقوبة أعظمَ من قسوةِ القلب (٣).

وقال جعفر بن سليمان: كان مالك يُرى يومَ التَّرويةِ بالبصرة، ويومَ عرفةَ بعرفات (٤).

وروى ابنُ أبي الدنيا عن مالك أنَّه كان له صديق يخدم السلطانَ، فاعتقلَه وقيَّده، فدخلَ عليه مالك فرآه مقيَّدًا، فشقَّ عليه فقال: من قيَّدك؟ قال: السلطان. فرفع مالك رأسه، فإذا زِنْبيل معلَّق، فقال. ما هذا؟ فقال: فيه شيء للأكل. فحطَّه فإذا دجاجٌ وحلوى وخبزُ حُوَّارَى، فقال له مالك بن دينار: واللهِ ما قيَّدك غيرُ هذا.

وقال ابنُ أبي الدنيا فيما رواه عنه قال: مرَّ تاجرٌ بعشَّارين، فحبسوا عليه سفينته، فأرسل إلى مالك، فجاءه، فلما رآه القوم؛ قاموا إليه وعظَّموه، وأطلقوا السفينة، وقالوا: يا مالك، ادْعُ لنا. وعندهم كُوز [معلَّق] يجعلون فيه الدراهم التي يأخذونها من الناس، فقال: قولُوا للكُوز يدعو لكم! كيف أدعو لكم وألفٌ يدعون عليكم؟! أترى يُستجابُ لواحد ولا يُستجابُ لألف (٥)؟!

[قال:] وأجدبت الأرض بالبصرة، فخرجَ الناس يستسقون، فلقيَهم مالك، فقال: إلى أين؟ قالوا: نطلب المطر. فقال: أنتم تستبطئون الغيث، وأنا أستبطئ الحجارة (٦)!


(١) ذم الدنيا (٣٩)، وحلية الأولياء ٢/ ٣٦٤، وصفة الصفوة ٣/ ٢٨٣.
(٢) حلية الأولياء ٦/ ٢٨٨، وصفة الصفوة ٣/ ٢٨٣.
(٣) حلية الأولياء ٦/ ٢٨٧، وصفة الصفوة ٣/ ٢٨٧.
(٤) صفة الصفوة ٣/ ٢٧٧.
(٥) حلية الأولياء ٢/ ٣٧٤، وتاريخ دمشق ٦٦/ ٨٣، وصفة الصفوة ٣/ ٢٨١.
(٦) حلية الأولياء ٢/ ٣٧٤، وتاريخ دمشق ٦٦/ ٨٥، وصفة الصفوة ٣/ ٢٨١.