للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فلم يجبه، فجمع سفيان اليمانية وغيرهم، وجمع سَلْم مَنْ كان بالبصرة من مُضر والعرب وبني أمية.

وجاء سفيان إلى المِرْبَد، وخرج إليه سَلْم، واقتَتَلُوا، فقُتل [ابنُه] معاويةُ بنُ سفيان، وحُمل رأسُه إلى سَلْم، فأعطى الَّذي جاء به عشرة آلاف درهم (١)، وانهزم سفيان، وهدم سَلْم دور آل المهلَّب، وأقامَ بالبصرة حتَّى قُتل ابنُ هُبيرة، فخرج عنها، وولَّاها السفَّاحُ بعد ذلك سفيانَ بنَ معاوية (٢).

وفيها بُويعَ أبو العبَّاس عبدُ الله بنُ محمد السفَّاح بالخلافة، وسنذكره.

ولمَّا بُويعَ خرجَ إلى عسكر أبي سَلَمة، فنزلَ في سُرادقه بحمَّام أعين، واستخلف على الكوفة عمَّه داود، وبعث بعمِّه عبد الله إلى أبي عَوْن بشهرزور، وبعث بابن أخيه عيسى بن موسى إلى الحسن بن قَحْطَبَة بواسط وهو يُحاصر ابنَ هبيرة، وفرَّق أهلَه في الحجاز ومكة والمدينة (٣). وعزلَ (٤) داود عن الكوفة، وبعثَه إلى المدينة، وولَّاها عيسى بن موسى، وكان عيسى فاضلًا لطيفًا يُدني العلماء ويستشيرُهم، ولقيَ يومًا عبدَ الرحمن بنَ زياد بن أنعم، فقال له: ما منعك من إتياني؟ فقال: وما أصنعُ عندك؟ إنْ أَدْنَيتَني فَتَنْتَني، وإن أبعَدْتَني أحْزَنْتَني، وليس عندي ما أخافُك عليه، وما عندك ما أرجوه. فسكت (٥).

وعِيب على السفَّاح تفرقة أهله عنه في هذا الوقت.

وفيها كانت وقعة الزَّاب وهزيمة مروان.


(١) في المصدر السابق ٧/ ٤٢٠: ألف درهم، وهو الأشبه من سياقه. ولفظة "ابنُه" في السالفة بين حاصرتين زيادة من عندي للإيضاح.
(٢) ينظر الخبر مفصلًا في "تاريخ" الطبري ٧/ ٤١٩ - ٤٢٠.
(٣) تاريخ الطبري ٧/ ٤٣١.
(٤) كذا في (خ) و (د) (والكلام منهما حتَّى آخر الجزء). ولعل الصواب: ثم عزل … فقد سلف ذكره.
(٥) لم أقف على هذا الخبر بهذه السياقة، وذكره الخطيب البغدادي في "تاريخ بغداد" ٧/ ٢٣ في ترجمة إبراهيم بن عثمان؛ بينه وبين موسى بن عيسى أمير الكوفة يومئذ.