للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قد ذكرنا أن أبا عون عبدَ الملك بن يزيد الأزديّ -وقيل: عبد الله- نزل شهرزُور، وأن مروان سار ببني أمية، فنزلَ الموصل.

وفي رواية أنَّ مروان أقبلَ من حرَّان، فنزلَ منزلًا في طريقه وقال: ما اسمُ هذا المنزل؟ قالوا: بَلْوَى. فقال: لا، بل بُشْرى وعَلْوَى. وسار حتَّى أتى الموصل، وجاء أبو عَوْن فنزلَ الزَّاب، وجهَّز إليه أبو العباس القُوَّادَ في تسعة آلاف فارس، وقال: مَنْ يسيرُ إلى مروان من أهل بيتي؟ فلم يُجبه أحد، فأعادَ القولَ، فلم يُجبه أحد، فيقال: إنه قال: من سار إليه فهو الخليفة من بعدي. فقال عمُّه عبدُ الله بن علي: أنا. قال: سِرْ على بركة الله. فسارَ حتَّى قَدِمَ على أبي عَوْن فتحوَّل له عن سُرادقه، فنزلَ به.

وجاء مروان فنزل على الزَّاب والعسكران متقابلان. فسأل عبدُ الله عن مخاضة فدُلَّ عليها، فأمرَ عبدُ الله عُيينةَ بنَ موسى، فعبرَ إلى عسكر مروان في خمسة آلاف، فاقتتلُوا إلى الليل، ورُفعت النيران، وتحاجزوا، ورجع عُيينة فعبر المخاضة إلى عسكر عبد الله.

وأصبح مروان، فعقد الجسر، وبعث عبدُ الله جماعة، فهزمهم عسكرُ مروان، وعبَرَ إليه عبدُ الله بنُ عليّ وعلى ميمنته أبو عَوْن، وعلى ميسرته عبدُ الله الطائي، فقال مروان لعبد العزيز بن عمر بن عبد العزيز: إنْ زالت الشمس اليومَ ولم يقاتلونا كنَّا الذين ندفعُها إلى عيسى بن مريم، وإن قاتلونا قبلَ الزوال فإنَّا لله وإنَّا إليه راجعون.

وأرسلَ مروان إلى عبد الله يسألُه المُوادعة لينظرَ في أمره، ففطن عبدُ الله، فقال: كذبَ ابنُ زُريق (١)، لا تزولُ الشمس حتَّى أوطئَه الخيل إن شاء الله تعالى (٢).

وقال هشام: قطع عبد الله بنُ عليّ الزَّاب في اثني عشر ألفًا، وقيل: في عشرين ألفًا، وكان مروان في سبعين ألفًا، وقيل: في مئة وخمسين ألفًا.


(١) كذا في (خ) و (د) (والكلام منهما)، و"تاريخ" الطبري ٧/ ٤٣٣. وفي "أنساب الأشراف" ٧/ ٦٥٠: كذبتَ يا ابن زربي. وجاء فيه أيضًا ٧/ ٥٦١ أن أم مروان كانت جارية لزربي طباخ مصعب أو خبّازه.
(٢) ينظر الخبر بتمامه في "تاريخ" الطبري ٧/ ٤٣٢ - ٤٣٣.