للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقال الحسين بن الفهم: عمل السفَّاح بيتين وقال لرجل: إذا التقى الجمعان؛ فاصْعَدْ على رأس جبل، وأنشدهما، ففعل الرجل، وهما:

يا آلَ مروانَ إنَّ اللهَ مُهْلِكُكُمْ … ومُبْدِلٌ أَمْنَكُمْ خَوْفًا وتَشْرِيدا

لا عمَّرَ اللهُ من أولادِكُمْ أحدًا … وبَثَّكُمْ في بلاد الخَوْفِ تَطْرِيدا

فلما سمع ذلك أهل الشام انزعجوا، وارتاع مروان (١).

وقال هشام: كان السببُ في خِذْلان مروان أنَّ بني أمية كانوا يعتمدون على قحطان، فأخَّرهم مروان وقدَّم عليهم أعداءهم.

وقال مروان: لا تَبْدؤوهم بقتال، وجعل يُراعي الشمس، فحمل الوليد بنُ معاوية بن مروان -وكان ختن مروان على ابنته- فغضبَ مروانُ عليه وشَتَمه، فكشفَ الوليدُ ميمنةَ عبدِ الله، فانحازَ أبو عَوْن إلى عبدِ الله، فصاح عبدُ الله: الأرضَ الأرضَ. وترجَّلَ وأشرعوا الرِّماح، وجَثَوْا على الرُّكَب، وقال عبدُ الله: يا ربّ، إلى متى نُقتلُ فيك؟ فصاح أهلُ خراسان (٢): يا محمد، يا منصور (٣).

وقال مروان لقُضاعة: انزلوا. فقالوا: قُلْ لبني سُليم فلينزلوا. فقال للسكاسك: احملوا. فقالوا: قُلْ لبني عامر فليحملوا. فأرسل إلى السَّكون، فقالوا: قل لغَطَفان. فقال لصاحب شُرطته كوثر بن الأسود الغَنَوي: انزل. فقال: لا والله، ما كُنْتُ لأجعلَ نفسي غَرَضًا. فقال: أما واللهِ لأَسُوءَنَّك. فقال: واللهِ وَدِدْتُ أنك تقدر على ذلك. وانهزم أهلُ الشام، فانهزم مروان (٤).

وقال أبو اليقظان: نزل ليبول وتحته فرسٌ أشقر وأمسك عِنانَه بيده، ولم يأمن عليه أحدًا، فانقطع العِنان، فأُفلت الفرس، فرآه أهلُ الشام فقالوا: قُتل مروان. فانهزمُوا، وفيه يقول بعضهم: ببَوْلَة زالت دولة.


(١) الخبر في "تاريخ دمشق" كما في "مختصره" ١٣/ ٣٠٦.
(٢) في "تاريخ" الطبري ٧/ ٤٣٤: ونادى: يا أهلَ خُراسان.
(٣) في "أنساب الأشراف" ٧/ ٦٥١: ونادى أهلُ خُراسان: يا لثارات إبراهيم الإمام، يا محمد، يا منصور، يالثارات الحسين وزيد ويحيى، يا منصور أمت.
(٤) تاريخ الطبري ٧/ ٤٣٣ - ٤٣٤. وينظر "أنساب الأشراف" ٧/ ٦٥١.