للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وكان مروان يهمل الأمور الحقيرة، ولا ينظر في عاقبة.

قال هشام: ولما جاء عبد الله بن عليّ من الزَّاب إلى الموصل وعليها هشام بن عَمرو التغلبي؛ فتح له الأبوابَ، فدخل. وجاءه كتاب أبي العباس يأمرُه باتباع مروان، فسار خلفَه إلى حرَّان، فأخذ مروانُ أهلَه وعياله وأولادَه وأمواله، وقتلَ عبدَ الله بن عمر بن عبد العزيز وإبراهيم الإمام على ما يُذكر إن شاء الله تعالى (١).

وخلَّف مروانُ بحرَّان صهره أبان بن يزيد، فخرج إلى عبد الله طائعًا، فأمَّنَه وكلَّ مَنْ كان بحرَّان والجزيرة (٢).

وكان لمروان بحرَّان قصرٌ قد غرم عليه عشرة آلاف درهم، فاحتوى عبدُ الله على ما فيه من خزائن مروان، ثم هَدَمَه (٣).

وأمَّا مروان فإنه لما قطعَ الفرات ومرَّ بقنَّسرين وحمص والعواصم، ورأَوْا قلَّة مَنْ معه؛ طمعوا فيه، ونهبُوه، وجاء إلى دمشق وعليها الوليد بن معاوية بن مروان ختنُ مروان على ابنته -وكان قد بعثه مروان بعد يوم الزَّاب بين يديه إلى دمشق- فخلَّفَهُ مروانُ بها، ثم مضى إلى فلسطين (٤).

وسار عبدُ الله بنُ علي من حرَّان حتَّى قطع الفرات، ولحقه عبدُ الصمد [بن علي]؛ أمدَّه به السفاح (٥) في أربعة آلاف، فالتقاه أهلُ قِنَّسْرِين والعواصم وحمص طائعين، وجعل طريقَه على بعلبكّ، وجاء إلى دمشق على عين الجر ونزل المِزَّة، وقدم عليه صالحُ بنُ علي من عند السَّفَّاح في ألفين -وقيل: في ثمانية آلاف- فنزل مَرْجَ العَذْراء (٦).


(١) ينظر "تاريخ" الطبري ٧/ ٤٣٩، وما سيرد في ترجمة إبراهيم الإمام في هذه السنة (١٣٢).
(٢) في (خ) و (د): فأمَّنَه ولكلّ من كان بالجزيرة. والمثبت من "تاريخ" الطبري ٧/ ٤٣٨.
(٣) مروج الذهب ٦/ ٧٥.
(٤) ينظر "أنساب الأشراف" ٧/ ٦٥٢ - ٦٥٣، و"تاريخ" الطبري ٧/ ٦٣٨ و ٦٣٩.
(٥) في (خ) و (د): أمدَّه بالسفّاح. والصواب ما أثبتُّه. وينظر "تاريخ" الطبري ٧/ ٤٤٠. و"أنساب الأشراف" ٧/ ٦٥٤. وما سلف بين حاصرتين للإيضاح.
(٦) تاريخ الطبري ٧/ ٤٤٠، وعين الجر المذكورة يقال لها الآن عنجر.