للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فإنه وُجد صحيحًا؛ لم يَبْلَ منه إلا أرنبةُ أنفه، فضربه بالسياط وصلبَه أيَّامًا، ثم حرقه وذرَّه في الرِّيح (١) كما فعل يزيد بن عليّ، وكان هشام قد ضرب أخاه محمدًا سبع مئة سَوْط.

وقال عُمر بن هانئ (٢): لم يجد في قبر معاوية شيئًا أصلًا، ونبشَ قبر يزيد بن معاوية بِحُوَّارِين، فوَجد فيه خطًّا من رماد بطول القبر، واستخرجَ سليمان من دابق، فوجد بعضَه صحيحًا، فَحَرَقه وتتبَّع القبور، فما وجدَ فيها من العظام حَرَقَهُ (٣).

فعابَتْ عليه امرأةٌ من دمشق وقالت: يا ويح عبد الله! إنَّ الشَّاةَ لا يضرُّها السَّلْخُ بعد الذَّبْح.

ذكر مسير عبد الله إلى فلسطين:

سار عبدُ الله [بن علي] يطلبُ مروان، فنزل بفلسطين، وجاءه كتاب أبي العبَّاس أن يُوجِّهَ صالحَ بنَ عليّ خلفَ مروان، فسار صالحٌ من نهر أبي فُطْرُس في جماعة من القُوَّاد إلى مصر، فيهم أبو عَوْن، وذلك في ذي الفَعْدة، وعبد الله نازلٌ على نهر أبي فُطْرُس -وهو نهرٌ بالرَّمْلة، ولا يُعرفُ اليوم- فقَتَلَ على النهر من بني أمية اثنين وسبعبن رجلًا (٤).

قال ابنُ عساكر (٥): تتبَّع عبدُ الله [بن عليّ] أولاد الخلفاء، فأخذَ منهم سبعين، فقتلهم وجعلَ عليهم الموائد وهو يأكلُ ويسمعُ أنينَهم ولا يرقُّ، والناس يبكون.

وقال المُبَرِّد (٦): دخل شِبْلُ بن عبد الله مولى بني هاشم على عبد الله [بن علي] وقد أجلسَ ثمانين رجلًا من بني أمية على موائد (٧) الطعام، فَمَثَل قائمًا بين يديه وقال:

أصبح المُلْكُ ثابتَ الآساسِ (٨) … بالبهاليلِ من بني العبَّاسِ


(١) في (د): وذرَّى رماده في الريح.
(٢) ويُقال: عَمرو بن هانئ، ذكره ابن عساكر في "تاريخه" في عُمر وعَمرو ٥٤/ ٣٠١ و ٥٦/ ١٠٩ وقال: هو الذي تولّى نبشَ قبور بني أمية بدمشق.
(٣) بنحوه في "مروج الذهب" ٥/ ٤٧١ - ٤٧٢. وينظر "محاضرات الأدباء" ٤/ ٣٨٩.
(٤) ينظر خبر مسير صالح بن علي خلف مروان في "تاريخ" الطبري ٧/ ٤٤٠ - ٤٤١.
(٥) في "تاريخ دمشق" ٦٢/ ١٨٨ - ١٨٩ (طبعة مجمع دمشق- ترجمة محمَّد بن سليمان النوفلي).
(٦) في "الكامل" ٣/ ١٣٦٧.
(٧) في "الكامل": سُمُط.
(٨) الآساس (بالمدّ) جمع أُسّ، وتقديره: فُعْل وأفعال، وقد يقال للواحد: أساس، وجمعُه: أُسس. قاله المبرّد في "الكامل" ٣/ ١٣٦٨.