للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

إلى ما تريدون (١)، وإن شئتم قلبناها عليه، فظنَّ أبو جعفر أنه دسيس، وخاف، وجاء عبد الله، فأخبز أبا مسلم (٢)، فدعا [أبو مسلم] سليمان وقال له: أليس الإِمام كتب إليَّ: من اتَّهَمْتَه فاقْتُلْه؟ قال: بلى. قال: فإني قد اتَّهَمْتُك. فقال: أَنْشُدُكَ الله. فقال: اقْتُلُوه، فضربُوا عُنُقَه (٣)، وقتل ابنَه محمدًا (٤).

فلما رجع أبو جعفر قال لأخيه: لستَ أنتَ الخليفة، وإنَّما الخليفةُ أبو مسلم. قال: وكيف؟ قال: واللهِ ما يصنعُ إلا ما أراد. وأخبره بقتله سليمان (٥).

وقال الهيثم: لمَّا قدم أبو جعفر على أبي مسلم ليُهَنِّئهُ بظهور الإِمام وما فتحَ اللهُ على يديه وأنَّ أَثَره عند الإِمام جميل؛ لم يُكرمهم، ولم يخرج إلى لقائهم، وحَجَبَهم على بابه ثلاث ساعات، ولم يخاطب أبا جعفر بالإمرة، بل: يا أبا جعفر، فحقدَها عليه، فلما عاد إلى أخيه قال له: لا مُلْك لك ولا سلطان حتى تَقتلَ أبا مسلم، فقد تَعَدَّى العبدُ طَوْرَه. فقال له: اسكت، لا يسمع هذا القول منك أحد. وكان السفاح عاقلًا (٦).

وفيها بعث السَّفَّاح أخاه أبا جعفر إلى واسط لقتال [يزيد بن عمر] بنِ هُبيرة، وكان الحسنُ بنُ قحطبة محاصرًا له، وقد خَنْدَقَ يزيدُ عليه، وكان معن بن زائدة من قُوَّاده.

وكتبَ أبو العباس إلى الحسن: إنَّما بعثتُ أخي إليك ليسكنَ الناسُ إليه ويثق ابنُ هُبيرة بأمانه إنْ طلبَ الأمان، والأمرُ أمرُك، والتدبيرُ إليك (٧).


(١) كذا وقع، وسيرد كذلك في ترجمة سليمان بن كثير. والذي في المصدرين الآتيين أن سليمان بن كثير قال للأعرج: إنّا كنّا نرجو أن يتمّ أمركم … إلخ. ينظر "تاريخ" الطبري ٧/ ٤٥٠، و"الكامل" ٥/ ٤٣٧. وينظر التعليق التالي.
(٢) كذا في (خ) و (د). وعبارة "الكامل": فظنَّ عُبيد الله أنه دسيس من أبي مسلم، فأتى أبا مسلم فأخبره … إلخ. وبنحوها أطول منها عبارة الطبري.
(٣) المصدران السابقان.
(٤) خبر قتل أبي مسلم محمدَ بنَ سليمان بن كثير ذكره البلاذُري في "أنساب الأشراف" ٣/ ١٨٨ - ١٨٩.
(٥) بنحوه في "تاريخ" الطبري ٧/ ٤٥٠، و "الكامل" ٥/ ٤٣٧.
(٦) الخبر بنحوه في "أنساب الأشراف" ٣/ ١٧١ - ١٧٢.
(٧) أنساب الأشراف ٣/ ١٦٣. وينظر "تاريخ" الطبري ٧/ ٤٥٧.