للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أُسِرُّ وفاءً ثم أُظْهِرُ غَدْرَةً … فَمَنْ لي بعُذْرٍ يُوسِعُ الناسَ ظاهرُهْ

يا أمير المؤمنين، إن الذي أمَرْتَني به أنفعُ الأمرين لك، وأقبحُهما بي، ولكني أصبر حتى يفتحَ الله عليك، أو أُقتَلَ معك (١).

ولما قُتل مروان؛ استخفى عبدُ الحميد بالجزيرة، فغُمز عليه، فأُخذ، فدفعَه أبو العباس إلى عبد الجبَّار صاحب شُرطته، فكان يُحمى له طشتًا بالنار ويضعُه على رأسه حتى مات (٢).

وكان على حِجابة مروان صِقلاب مولاه، ويقال: مقلاص، وعلى الخاتم عبد الأعلي بن ميمون بن مِهْران (٣).

ولما قُتل مروان عاد صالح من مصر إلى الشام ومعه أموالُ مروان والرَّقيق والسلاح، واستخلف أبا عون على الفُسطاط والديار المصرية (٤).

وهذا أبو عَوْن اسمُه عبدُ الملك بنُ يزيد الأزديُّ مولاهم، الجُرجانيُّ، أحد قوَّاد بني العباس".

شهد حِصار دمشق مع عبد الله بعد أن كُسر مروان على الزَّاب، ووليَ إمرةَ مصر [في خلافة السفَّاح] خلافةً لصالح بن عليّ مرَّتين، فكانت ولايته الثانية عليها ثلاثَ سنين وستةَ أشهر.

وعاش إلى أيَّام المهديّ، ولم يُذكر لنا تاريخُ وفاته (٥).

قال الطبريّ: مرض فعادَهُ المهديُّ؛ فإذا منزلٌ رَثٌّ، وبناءُ سوء، وإذا طاقٌ صُفَّتُهُ التي هو فيها لَبِنٌ (٦)، فأَعجب المهديَّ حالُه وقال له: أوصْي بحاجتك، وسَلْني ما أردتَ، واحْتَكِمْ في حياتك ومماتك، فوالله لئن عَجَزَ مالُك عن شيء تُوصيني به


(١) أنساب الأشراف ٣/ ١٨٤، والعقد الفريد ١/ ٧٩، ومروج الذهب ٦/ ٨١ - ٨٢.
(٢) تاريخ دمشق ٩/ ٨١١ (مصورة دار البشير).
(٣) تاريخ خليفة ص ٤٠٨ (أحداث سنة ١٣٢).
(٤) تاريخ الطبري ٧/ ٤٤٢.
(٥) ينظر "تاريخ دمشق" ٤٣/ ٣٠٣ (طبعة مجمع دمشق). وما سلف بين حاصرتين منه.
(٦) الطَّاق: ما يُجعل كالقوس من الأبنية، والصُّفَّة: الظُّلَّة.