للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ذكر وفاته:

نظر يومًا في المرآة -وكان من أحسن الناس وجهًا- فقال: اللهمَّ إني لا أقول كما قال سليمان بنُ عبد الملك: أنا الملكُ الشاب، ولكنّي أقول: اللهم عمّرني طويلًا في طاعتك بخير وعافية، فما استتمَّ كلامَه حتى سمع غلامًا من غلمانه يقول لغلام آخر: الأجلُ بيننا شهران وخمسةُ أيام، فتطيَّر من ذلك، فما مضت الأيامُ حتى أخذته الحمَّى، فمات بعد شهرين وخمسة أيام.

وقال المسيِّب الضبِّيّ: اجتمع للسفَّاح فتحُ السِّند وإفريقية، ومكاتبةُ صاحب الأندلس، فقال لبعض عمومته: أسمعتَ أنه إذا فُتح السِّند وإفريقية ماتَ القائمُ من آل محمد، فقال عمُّه: كلا، فما برح حتى دعا بدُوَّاج لقشعريرة أصابته (١).

وقال عيسى بنُ عليّ: أتيتُ في بعض الأيام إلى باب أبي العباس، فوجدتُ عليه رجلين، فسلم علي أحدُهما، فقلتُ: من أنتَ؟ فقال: وافدُ السِّند، أتيتُ بطاعةِ أهلها إلى أمير المؤمنين، [وقلت للآخر: من أنتَ؟ قال: وافدُ إفريقية، أتيتُ بطاعة أهلها إلى أمير المؤمنين] (٢)، فقلتُ: ما أدخل عليه بمثل هاتين البِشارتين، فدخلتُ عليه وهو يسرِّح لحيتَه، فأخبرتُه، فتغيَّر وجهُه، وسقط المشطُ من يده، فقال: نُعيَتْ إليَّ نفسي، واسترجع، فقلتُ: وكيف هذا؟ فقال: حدَّثني أخي إبراهيمُ الإمام، عن أبي هاشم عبد الله بن محمدِ بن الحنفية، عن أبيه (٣)، عن النبيِّ أنه قال: "يقدَمُ عليَّ في مدينتي هذه وافدان في يومٍ واحد: وافدُ السِّند، ووافدُ إفريقية بطاعتهم، ثم لا ألبثُ إلا ثلاثةَ أيامٍ حتى أموت". وقد أتاني الوافدان، فأعظَمَ الله أجرَكَ في ابن أخيك يا عمّ، فقلتُ: كلا يا أمير المؤمنين، فقال: والله ما كذَبْتُ ولا كُذِبْتُ.

ثم وُعِكَ، فأمرني أن أصلي بالناس، ثم أوصاني أن أُغسِّله وأُكفنه، وأُصلّي عليه، وكتب كتابَ العهد لأخيه، فلما كان يومُ العيد صليتُ بالناس ودخلتُ عليه، فإذا على


(١) أنساب الأشراف ٣/ ٢٠٢.
والدواج بوزن رمان وغراب: اللحاف الذي يلبس. القاموس: (دوج).
(٢) مما بين حاصرتين من (د).
(٣) كذا في (د) و (خ)، وفي تاريخ بغداد ١١/ ٢٤٢، والمنتظم ٧/ ٣٥٤: عن علي بن أبي طالب.