للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

المنصور البصرةَ، وكان غيرَ محمودِ السيرة، وكان أبو جعفر يكرهُه، فلما ولاه البصرة بعث معه بالمُجَّان والزنادقة ليبغِّضَه إلى الناس.

وتعشَق محمَّد زينبَ بنتَ سليمان بنِ عليٍّ، وقال: [من السريع]

زينبُ ما ذنبي وما [ذا] الذي … غضبتُم فيه ولم تُغضَبوا

والله ما أعرف لي عندكم … ذنبًا ففيم العَتْب يا زينبُ (١)

وكان يركب إلى المِرْبد (٢) يتصدّى لها لعلّها تكون في بعض المناظر لتنظرَ إليه، ومن شعره: [من السريع]

لو أبصر العاذلُ منكِ [الذي] … أبصرتُه أوسع في العذر (٣)

وقيل: إنما كان يُشبِّب بزينب بنت محمَّد بن عبد الله بن حسن، وهي التي أراد الدخول بها ليالي قُتل أبوها، وسنذكر ذلك إن شاء الله تعالى.

وأغزاه أبو جعفر الدَّيلَم سنة إحدى وأربعين ومئة في أهل الكوفة والبصرة والجزيرة، وولَّاه البصرة سنة سبع وأربعين، وكان محمَّد طويلًا جسامًا، أحول، يلوي العمود الحديد بيده وكان يروم الخلافة، وتُوفي ببغداد بعد الخمسين ومئة.

ويقال: إن المنصور سمَّه، كان بالبصرة طبيبٌ يقال له: الخصيب، يُظهر النصرانية، وهو زنديقٌ لا يبالي مَنْ قتل، فأرسل إليه المنصور أن يتوخَّى قتلَ محمَّد، فاتَّخذ سمًّا قاتلا وأسطر عليه، فعرضت له حرارةٌ، فدسَّ إليه السمَّ في شربةٍ، فشربها فمات، فكتبت أمُّه إلى المنصور تخبره أن الخصيب قتلَه، فأمر بحمله إليه، فضربه ثلاثين سوطًا ضربًا خفيفًا، وحبسه أيامًا، وأعطاه ثلاث مئة درهم وأطلقه.

وأما رَيْطة فتزوَّجها محمَّد بنُ عبد الله بن حسن بن حسن، فقتل قبل الدخول بها، فتزوَّجها محمَّد المهدي، فولدت له عليًّا وعبدَ الله، وكانت من أشدِّ الناس قوةً، وكذا


(١) أنساب الأشراف ٣/ ٢٠٤، وأشعار أولاد الخلفاء من كتاب الأوراق للصولي ص ٤.
(٢) المربد: موضع بالبصرة من أشهر محالها، كان يكون سوق الإبل فيه قديمًا، ثم صار محلة عظيمة سكنها الناس. معجم البلدان ٥/ ٩٨.
(٣) ما بين حاصرتين من (د)، والبيت مع آخرين قبله قالها محمَّد في زينب، وقد أوردها الصولي في كتاب الأوراق (أشعار أولاد الخلفاء) ص ٨.