للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقال أبو إسحاق الثعلبي بإسناده عن الضحاك عن ابن عباس قال: قال رسول الله : "رَحِمَ الله أخِي يُوسفَ لو لم يقُلْ ﴿قَال اجْعَلْنِي عَلَى خَزَائِنِ الْأَرْضِ﴾ لاستَعمَلَه من ساعتِه، ولكنَّه أخَّره سنة" (١).

وحكى الثعلبي عن [ابن] أبي الهذيل قال: أقام يوسف عند الملك، فقال له الملك: أريد أن تخالطني في كل شيء سوى أني آنف أن تأكل معي. فقال يوسف: إني أحق أن آنف، أنا ابن يعقوب إسرائيل الله، ابن إسحاق ذبيح الله، ابن إبراهيم خليل الله، فكان يأكل بعد ذلك معه (٢).

وروى مقاتل: أن عمر بن الخطاب عرض على أبي هريرة الإمارة فامتنع، وقال: سمعت رسول الله يقول: "مَنْ طَلَبَ الإمارَةَ لم يَعدِلْ فيها" فقال له عمر: قد طلب الإمارة من هو خير منك يوسف حيث قال: ﴿قَال اجْعَلْنِي عَلَى خَزَائِنِ الْأَرْضِ إِنِّي حَفِيظٌ عَلِيمٌ﴾ [يوسف: ٥٥] (٣).

فإن قيل: فلمَ لمْ يستثن يوسف وقال: إني حفيظ عليم إن شاء الله؟ قلنا: خصَّ الله هذه الأمة بالاستثناء دون سائر الأمم، ولأن يوسف على ثقة من أمانته بخلاف الغير.

ودلت الآية على أن الوالي ينبغي أنْ يكون جامعًا بين العلم والأمانة؛ لأنه متى كان علمٌ بغير أمانة ضاع ما يلزم حفظه، ومتى كانت أمانة بغير علم لم يحسنْ بالوالي أن يتصرف.

وقال ابن عباس: لما انصرمت السنة من يوم سأل الإمارةَ دعاه الملك فتوَّجه وردَّاه بسيفه، ووضع له سريرًا من ذهب مكلَّلٍ بالدُّر والياقوت، وضرب عليه كِلَّةً (٤) من استبرق، وطول السرير ثلاثون ذراعًا وعرضه عشرة أذرع، وعليه ثلاثون فراشًا وستون


(١) تفسير الثعلبي ٥/ ٢٣١، وعرائس المجالس ١٢٩ - ١٣٠.
(٢) تفسير الثعلبي ٥/ ٢٣٢، وعرائس المجالس ١٣٠، وأخرجه الطبرني ١٦/ ١٤٧، ١٤٨، وابن أبي حاتم ٧/ ٢١٥٩، وما بين معكوفين من المصادر.
(٣) تفسير الثعلبي ٥/ ٢٣٢، وأخرج أبو نعيم في "الحلية" ١٠/ ٢٥، والذهبي في "السير" ١٢/ ٩٤ من حديث عمر بن الخطاب قال: "من حرص على الإمارة لم يعدل فيها".
(٤) الكِلَّةُ: الستر الرقيق.