للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مِقْرَمَة (١)، ثم أمره أن يخرج، فخرج متوَّجًا ووجهه كالقمر يرى فيه الناظر وجهه من صفائه، ودخل قطفيرُ بيته، وفوَّض إليه الملك وعزل قطفير عما كان عليه، وجعل يوسف مكانه، ثم لم يلبث قطفير أن مات، فزوج الملك يوسفَ راعيلَ امرأةَ قطفير فلما دخل بها قال لها: أليس هذا خيرًا مما كنت تريدين؟ فقالت: أيها الصدِّيق لا تلمني، فإني كنت امرأة حسناء ناعمة كما ترى في دنيا واسعة، وكان صاحبي لا يأتي النساء، وكنتَ كما جعلك الله في حسنك وجمالك، فغلبتني نفسي.

ولما دخل بها وجدها بكرًا، فولدت له رجلين أفرائيم وميشا، وولد لأفرائيم نون وولد لنون يوشَع، وولد لميشا موسى نبي آخر قبل موسى بن عمران.

قال ابن قتيبة: ويزعم أهلُ التوراة أنَّه هو الَّذي رأى الخضرَ (٢).

وقد روي أن يوسف تزوج امرأة العزيز بعد مدة من ملكه وسنذكره.

وقال ابن الكلبي: واستوسق ليوسفَ ملك مصر، وأقام فيهم العدل وأحبه الرجال والنساء، فذلك قوله تعالى: ﴿وَكَذَلِكَ مَكَنَّا لِيُوسُفَ فِي الْأَرْضِ﴾ أي: ملكناه ﴿يَتَبَوَّأُ مِنْهَا حَيثُ يَشَاءُ نُصِيبُ بِرَحْمَتِنَا مَنْ نَشَاءُ وَلَا نُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ﴾ [يوسف: ٥٦] أي: الصابرين على مثل ما أصاب يوسف وصبر عليه في الجب والسجن والرق وغيره.

وقد أكثر الشعراء في قصته فقال البحتري (٣):

أَمَا في رسولِ اللهِ يوسفَ أُسوةً … لِمِثْلِكَ مَحْبُوسًا على الظُّلْمِ والإفْكِ

أقامَ جميلَ الصبر في الحبْسِ بُرْهَةٌ … فآل به الصَّبرُ الجميلُ إلى المُلْكِ

ويوسف أوَّل من عمل الكاغد (٤).

وأمر الناس فزرعوا، وترك الزرع في سنبله في السنين المخصبة، ودخلت السنون المجدبة وكان يوسف قد دعا الملك إلى الإسلام فأسلم هو وأهل بيته، فهذا في الدنيا


(١) في تفسير الثعلبي ٥/ ٢٣٢: مرفقة، وفي "عرائس المجالس" ١٣٠ - ١٣١: نمرقة، وكلها بمعنى مَحْشيِّ الفراش وما يوضع عليه من ثياب ملونة فيها رقم ونقوش.
(٢) "المعارف" ص ٤١.
(٣) "ديوان البحتري" ٣/ ١٥٦٤، وعرائس المجالس ١٣٥.
(٤) الكاغد: القرطاس.