للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أفي دولة المنصور حاولتَ غَدْرةً … ألا إنَّ أهل الغدر آباؤك الكُرْدُ (١)

وقيل: كان عبدًا لأبي موسى السرَّاج، وكان من كبار الشيعة، وكان الجماعةُ الذين ذكرناهم في أول الفصل قد واعدُوا الإِمام أن يوافيَهم بمكَّة، فوافاهم إبراهيم بها، فأعطوه عشرين ألف دينار ومئتي ألف درهم، ومتاعًا وتحفًا جلبوها من خراسان، فرأى أبا مسلم مع أبي موسى السرَّاج، فأعجبَه فاشتراه، وأقام عنده حتى بعثَ به إلى خراسان.

وقال شهاب بن عبد الله: كان أبو مسلم يتردَّد إلى خراسان من الإِمام بكتبٍ إلى الشيعة، وهو راكبٌ على حمار، قال خادم لسليمان بن كثير: لقد جاءنا يومًا فلم نعرض عليه الطعام؛ كان عندنا أحقر من ذلك، فلامنا سليمان وقال: بئس ما فعلتم (٢).

وقال أبو اليقظان: كان أبو مسلم يدَّعي أنه ابن سليط بن عبد الله بن عباس، وأطمعَ نفسه في الخلافةِ بهذه الدعوى (٣).

ذكر صفته:

كان أسمر -وقيل: أبيض حسن اللون- مليح الوجه، رَبْعةً -وقيل: طُوالًا- تعلوه صفرة، وكان شجاعًا فاتكًا، ذا عقلٍ ورأي وحزمٍ وتدبيرٍ، يقول بتناسخِ الأرواح، ويرى رأي الكيسانيَّة (٤)، وأن محمدَ بن الحنفية هو المهدي، وأنَّه حيّ يرزق.

ذكر طرف من أخباره:

قيل له: بم أدركتَ ما أدركت؟ فقال: ارتديتُ بالصبر، والتحفتُ بالكتمان، وحالفتُ الأحزانَ والأشجان، وسامحتُ المقادير حتى بلغتُ غاية همَّتي، وأدركتُ نهاية بغيتي. وفي رواية: وساعدني القَدَرُ؛ فأدبر الحرمان، وأقبل الإقبال، وأنشد لنفسه: [من البسيط]


(١) أنساب الأشراف ٣/ ٢٣٥، وطبقات الشعراء ص ٦٢، والشعر والشعراء ٢/ ٧٧٨، ووفيات الأعيان ٣/ ١٥٥.
(٢) أنساب الأشراف ٣/ ١٣٦.
(٣) انظر الكامل ٥/ ٢٥٦.
(٤) انظر الملل والنحل ١/ ١٥٤.