للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وكتب على قصَّة آخر: العدلُ أوثقه، والتوبةُ تطلقه (١).

ذكر مقتله:

وله أسباب، منها: تهاونه لما قدم عليه أبو جعفر، ومنها: قتلُ سليمان بن كثير، وادعاؤُه أنَّه ابن سليط، وتقدّمه على أبي جعفر في الحجّ، ولما قدم الأنبار دعا عيسى بنَ موسى إلى خلعِ أبي جعفر، ومنها: أنَّه لما توجَّه إلى قتال عبد الله بن علي كان إذا ورد عليه كتاب من أبي جعفر يقرؤه ويلويه (٢) بيده استهزاءً به، ثم يلقيه إلى مالك بن الهيثم ويتضاحكان.

ولمَّا انهزمَ عبد الله بن عليّ بعثَ أبو جعفر أبا الخصيب مولاه إلى أبي مسلم ليحزر أموال عبد الله، فشتم أبو مسلم أبا الخصيب، وأراد قتله، فقال القوَّاد: المرسلُ لا يقتل، فخلَّى سبيلَه، فعادَ إلى أبي جعفر فأخبره، فخاف أبو جعفر أن يفوته إلى خراسان، وكان القُوَّاد قد قالوا لأبي مسلم: نحنُ غنمنا مال عبد الله، وليس لأبي جعفر فيه غير الخمس.

ولما خاف أبو جعفر من ذهابه كتبَ إليه مع يقطين بن موسى كتابًا يقول فيه: قد ولَّيتُك مصر والشام، فهي خيرٌ من خراسان، فوجَه إلى مصر من أحببت، وأقم بالشام لتكون قريبًا من أمير المؤمنين، متى أحببتَ لقاءَه لقيتَه، فلمَّا دخل يقطين على أبي مسلم سلّم عليه، فقال: لا سلَّم الله عليك يا ابن اللخناء، أؤتمنُ على الدماء، ولا أؤتمن على الأموال (٣)؟! فقال له يقطين: امرأتُه طالق إن كان أمير المؤمنين أرسلني إليك إلَّا مهنيًا بالظفر وبتولية الشام وخراسان (٤)، فغضبَ أبو مسلم وقال: أهو يوليني الشام ومصر، وخراسانُ لي؟! فلمَّا خرج يقطين قال أبو مسلم: إني لأعلمُ أنَّ امرأتَهُ طالق، ولكنَّه نظر لصاحبه.


(١) التوقيعان الأخيران أوردهما ابن عبد ربه في العقد الفريد ٤/ ٢١٩ من توقيعات جعفر بن يحيى.
(٢) في أنساب الأشراف ٣/ ٢٣٠، وتاريخ الطبري ٧/ ٤٨١، والمنتظم ٨/ ٥: فيقرؤه ثم يلوي شدقه.
(٣) انظر مروج الذهب ٦/ ١٧٨.
(٤) كذا في (خ) و (د)، وهو خطأ؛ لأن المنصور كتب بتوليته على الشام ومصر؛ ليبعده عن خراسان. وهذا واضح من سياق الخبر.