للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقال يحيى بن خالد بن بَرْمَك (١): اشترى أبو جعفر عَبيدًا من الأعراب الذين يسكنون البوادي، وأعطى كل واحد البعير والبعيرين، وأمرهم أن يطلبوا محمدًا على المياه فإنَّه قد ضلَّ منهم شيء.

وقال عمر بن شبة: ولَّى أبو جعفر الفضلَ بنَ صالح الموسم سنة ثمان وثلاثين، وقال له: إن رأيت محمدًا وإبراهيم فلا تفارقهما حتَّى تُحضرهما إليّ، فلما حج أتاه بنو هاشم ولم يأته محمَّد وإبراهيم، فقال لأبيهما: ما منع ولديك أن يأتياني؟ فقال: والله ما منعهما من إتيانك رِيبة ولا سوء، ولكنهما حُبِّب إليهما الخَلوة والبادية والصَّيد، لا يشهدون مع أهلها خيرًا ولا شرًّا، فسكت الفضل.

وقال الزَّعفَراني: قدم محمَّد البصرة، فنزل في بني راسب، فأقام ستة أيام وخرج، وبلغ أَبا جعفر، فسار من الكوفة إلى البصرة، واستدعى عمرو بن عبيد وقال: يَا أَبا عثمان، هل بالبصرة أحدٌ نخافه على أمرنا؟ فقال: لا، فانصرف راجعًا إلى الكوفة.

وقال عمر بن شَبَّة: حج المنصور في سنة أربعين ومئة ومعه ابنه المهدي، فأتاه عبد الله بن حسن في جماعة من بني هاشم، فتكلَّم المهدي فلَحَن، فقال عبد الله: يَا أمير المُؤْمنين، ألا تأمر ابنَك هذا بتعديل لسانه وقد اخترتَه وليَّ عهدك على الأُمَّة؟! فتغافل أبو جعفر عنه، وأخذ كتابًا ينظر فيه، وعبد الله يُردِّد القول، فغضب أبو جعفر وقال له: أين ابنُك؟ قال: لا أدري، قال: لتأتينّي به، قال: والله لو كان تحت قدميَّ ما رفعتُهما عنه، فأمر بحبسه وقال: ألست القائل لأبي العباس: [من الوافر]

ألم تَرَ حَوشبًا أضحى يُبَنِّي (٢)

وكان أمنَّ النَّاس عليك وأوصلَهم لك؟!

وحجّ في تلك السنة إبراهيم ومحمَّد وهما مُستخفيان ومعهما جماعة من الشيعة، فاتَّفقوا على اغتيال أبي جعفر، وقال لهم عبد الله بن محمَّد الأمير: أنا أكفيكموه، فقال محمَّد: لا والله لا نقتله غِيلة حتَّى أدعوه، فانتقض أمرُهم، ودخل معهم قائد من قواد


(١) في (ب) و (خ): شريك، والمثبت من الطبري ٧/ ٥١٩.
(٢) تمامه: قصورًا نَفْعُها لبني بُقَيلة، انظر طبقات ابن سعد ٧/ ٤٧٥، وتاريخ الطبري ٧/ ٥٢٥، وأنساب الأشراف ٢/ ٤٠٨ - ٤٠٩.