للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أَبِيتُ كأنّي مُسْعَرٌ من تَذكُّري … رُقَيَّة جَمْرًا من غَضًا مُتَوقّدا (١)

وقال أبو اليقظان: أُخبر رياح أن محمدًا في جبال رَضْوى، فخرج في طلبه، فرآه محمَّد من بعيد فصعد الجبل ومعه أمُّ وَلَدٍ له، فسقط ولدها فمات، فقال محمَّد: [من السريع]

مُنْخَرِقُ السِّربال يشكو الوَجَى … تَنْكُبُه أطرافُ مَرْوٍ حِدادْ

شَرَّده الخوفُ وأَزْرى به … كذاك مَن يَكْرَه حَرَّ الجِلادْ

قد كان في الموتِ له راحةٌ … والموتُ حَتْمٌ في رقابِ العِبادْ (٢)

قد تقدم أن عبد الرَّحْمَن بن الأشعث أنشد هذه الأبيات في بعض وقائعه لما خرج على الحجاج، فيحتمل أن محمَّد بن عبد الله تمثَّل بها والله أعلم.

وقال الهيثم: كان زياد الحارثيّ يطلب محمدًا، فرآه يومًا في الصحراء فقال له: مَن أَنْتَ؟ فقال: أعرابي، فعرفه ولم يكلِّمه، وقال له: اذهب حيث شئت، ولقيه يومًا على بئر فوقف بين قَرْنَيها يستقي -وكان جسيمًا وسيمًا - فعرفه زياد فقال: قاتله الله أعرابيًّا ما أحسن ذِراعه.

ورآه مرة في صحراء المدينة، فجلس محمَّد وأعطاه ظهره، فقال له زياد: امرأة رأتنا فاستحيت (٣).

وبلغ أَبا جعفر فعزل زيادًا، وأوثقه وأخذ جميعَ ماله، ووجد له عينًا مئة أَلْف دينار، وحُمِل إلى أبي جعفر فقال له: ما هذا؟ فقال: إن دماء بني فاطمة عندي لعزيزة.

وكان لزياد كاتب من أهل الكوفة اسمه عمر بن حفص (٤) كان يتشيَّع، فهو الذي كان يُثَبِّط زيادًا عن طلب محمَّد وأخيه.

فولّى محمَّد بن خالد القَسْري ثم عزله، وولى رِياحًا.


(١) تاريخ الطبري ٧/ ٥٤٣.
(٢) تاريخ الطبري ٧/ ٥٣٥، وأنساب الأشراف ٢/ ٤٢٧، والمنتظم ٨/ ٤٧، وتاريخ الإِسلام ٣/ ٧٧٩، والسير ٦/ ٢١٢.
(٣) في الطبري ٧/ ٥٣٦ أن الذي لقي محمدًا واجتمع به رياح بن عثمان.
(٤) في تاريخ الطبري ٧/ ٥٢١: حفص بن عمر.