للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وكان الجامع مبنيًّا باللبن، فنقضه هارون وبناه بالآجُر، واسمه مكتوب عليه إلى اليوم، وإنما سُمِّيت الأماكن التي حولها بنهر طابق، ونهر القَلَّايين، ونهر الدجاج لأنها كانت أنهارًا تدخل إلى المدينة، وقيل: إن القنطرة العتيقة من بناء الفرس.

ولما فرغ من بنائها قدم عليه رسول من الروم، فأمره أن يطوف في أقطارها فطاف، فقال له: كيف رأيتها؟ قال: رأيت أعداءك معك فيها، قال: ومن هم؟ قال: السوقة، فأمر بنقلهم ونقل الأسواق إلى الكَرْخ.

وقال الطبري: جعل لها ثمانية أبواب، أربعة خارجة وأربعة داخلة، وخطَّ جامعها الحجاج بن أرطأة، وقيل: إن قبلته على غير صواب، ويحتاج المصلِّي فيه أن ينحرف قليلًا إلى باب البصرة، وقبلة مسجد الرصافة أَصوب.

وقال خالد بن الصلت: ولاني أبو جعفر على رُبع من أرباع المدينة، ففرغتُ منه، ورفعت إليه حساب النفقة وهو يحسب بيده، فبقي منها خمسة عشر درهمًا، فحبسني أيامًا حتَّى أدَّيتُها إليه.

ودخل يومًا فطاف في قصره، فأعجبه مكان فيه، فأراد أن يعلم ما أنفق عليه، فقال للمسيِّب: أحضر لي بنَّاء فارهًا، فأحضره فقال: كم غرم علي هذا القصر؟ فلم يردَّ عليه شيئًا، فخافه المسيّب لأنه تولى بناءه فقال: تكلَّم، فلم يُحِر جوابًا، فأخذ بيده وأدخله الحجرة التي استحسنها وقال: ابن لي بإزاء هذا المجلس طاقًا، فبناه في يومين، فقال للمسيب: ادفع إليه أجرته على حسب ما عمل، فحاسبه المسيّب فأصابه خمسة دراهم، فقال أبو جعفر: لا أرضى هذا، فنقصه درهمًا، ثم أخذ المسيّب والأمناء والبنّائين والمهندسين بحساب الطاق، فخرج على المسيّب ستة آلاف درهم، فأخذه بها، فما خرج من القصر حتى حملها (١).

قال الخَطيب: وعقد عليها المنصور ثلاثة جسور: جسر له ولخواصّه، وجسر للأجناد، وجسر للعامة (٢).


(١) تاريخ الطبري ٧/ ٦٥١ - ٦٥٢، ٦٥٤ - ٦٥٥.
(٢) تاريخ بغداد ١/ ٤٣٧، والمنتظم ٨/ ٨٠، وفيها أنَّه عقد ثلاثة جسور، أحدها للنساء .....