للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يتوسَّلون بقتلهم ويرونه … شَرفًا لهم عند الإِمام ومَغنما

والله لو شهد النبيُّ مُحَمَّدٌ … صلى الإله على الرسول وسلَّما

إشراعَ أمته الأسنَّةَ لابنه … حتَّى تقطَّرَ من ظُباتهم دَما

حقًّا لأيقن أنَّهم قد ضيَّعوا … تلك القرابةَ واستحلُّوا المَحْرَما (١)

وقال الهيثم: لما خرج إبراهيم بالبصرة صعد أبو جعفر المنبر وقال: [من البسيط]

ما لي أُكفكفُ عن سعد ويَشتُمني … ولو شتمتُ بني سعد لقد سكنوا

جَهلًا علينا وجُبنًا عن عدوِّهم … لبئست الخَلَّتان الجَهْلُ والجبنُ

ثم قال: أما والله لقد عَجزوا عن أمرٍ قُمنا به، فما حَمِدوا القائم، ولا عَضدوا الكافي، ولا شكروا المنعم، أشرب منها رَنْقًا على غَصَص، وأبيت على مَضض، كلا والله إنِّي لا أصل ذا رَحِمٍ بقطيعة نفسي، ولئن لم يُرْضَ مني بالعفو ليُطْلَبنَّ ثم لا يوجد عندي (٢). وذكر كلامًا طويلًا.

وكان فقهاء الكوفة والبصرة يُحرِّضون النَّاس على القتال مع محمَّد وإبراهيم، فقال عبد الله بن إدريس: رأيت أَبا حنيفة وهو قائم على درجته، ورجلان يستفتيانه في الخروج مع محمَّد وإبراهيم فقال: أسرعا ولا تَنِيا.

وقال الأَعمش لجماعة من أعيان الكوفة: ما يُقعدكم عنه؟ والله لو كنت بصيرًا ما سبقني إليه أحد.

وقال هشام بن حسان: قاتلوا أَبا الدوانيق.

وسئل شعبة عن هذا فقال: القتال مع إبراهيم مثل القتال ببدر الصغرى.

وكان صالح المُرِّي بالبصرة يخطب ويقول: قاتلوا المارق مع ابن رسول الله وابن عليّ بن أبي طالب رضوان الله عليه.

وكان بشير الرحَّال يقصُّ بالبصرة على النَّاس، ويعرِّض بأبي جعفر ويقول: العصبي من العصبة، ما أشبه الليلة بالبارحة، أيها النَّاس، قاتلوا مَن أماتوا الكتاب والسنة،


(١) تاريخ الطبري ٧/ ٦٠٢ - ٦٠٣.
(٢) تاريخ الطبري ٨/ ٩٢، وأنساب الأشراف ٣/ ٣٠٣، ومروج الذهب ٦/ ١٩٦.