وقال له يومًا: ما تقول في زوج وامرأة كم لهما من الميراث، يسخر به على ملأ من الناس.
وقال سفيان يومًا: ما ندمتُ على سكوت قط، فقال له ابن المقفع: الخَرَس زَيْنٌ لك فكيف تندم عليه؟ وكان يستخِفُّ به وسفيان لا يقدم عليه لمكانته، وكان سفيان يقول: والله لأُقَطِّعنه إربًا إربًا وعينه تنظر.
فقدم سليمان بن علي وعيسى بن علي البصرة ليكتبا أمانًا لعبد الله بن علي، وكان ابن المقفّع يكتب لعيسى بن علي، وأمره فكتب كتاب أمان، واتَّفق أن أبا جعفر قال لابن المقفع: اكتب كتابَ أمان لعبد الله بن علي، وسهّل الأمر فيه، فكتب كتاب أمان وفيه:
ومتى غدر أمير المؤمنين بعمه عبد الله بن علي فنساؤه طوالق، ودوابُّه حُبُس، وعبيده أحرار، والمسلمون في حلٍّ من بيعته، وأمواله صدقة، وعليه المشي إلى بيت الله حافيًا، وكان ابن المقفع يَتَنَوَّق في الشروط، فلما وقف عليه أبو جعفر عَظُم عليه ذلك، ولما حبس عبد الله بن علي أرسل إليه يقول: ما هذا أمانُك وكتابُك؟! فساءه ذلك، فكتب إلى سفيان بن معاوية يأمره بقتله، وكان سفيان مُضْطَغِنًا عليه.
فاستأذن ابن المقفع يومًا على سفيان، فأخَّر إذنه حتى خرج مَن عنده، ثم أذن له فدخل، فعدل به إلى حجرة، ولما دخل على سفيان قال له: أتذكر ما كنتَ تقول في أمي؟ فقال: أنشدك الله أيها الأمير في نفسي، فقال: أُمِّي مُغْتَلِمَة؟ إن لم أقتلك قتلة لم يقتل بها أحد، وأمر بتنُّور فسُجِر، ثم أمر به فقُطِّعت أعضاؤه عضوًا عضوًا، وهو يُلقيها في النار وهو ينظر، حتى أتى على جميع جسده، ثم أطبق عليه التنور وقال: ليس عليَّ في المُثْلَةِ بك حَرَج؛ لأنك زنديق قد أفسدتَ الناس.
ولما خرج القوم من عند سفيان رأوا غلمانه على الباب، فسألوهم عنه فقيل: دخل بعدكم واختفى أثَرُه، فخاصم سليمان بن علي وعيسى بن علي سفيان، وأشخصاه إلى المنصور مُقيَّدًا، وحضر الشهود الذين شهدوا أنه دخل دار سفيان ولم يخرج، وأقاموا الشهادة، فقال لهم أبو جعفر: إنا ننظر في هذا، أرأيتم إن قتلتُ سفيان بن معاوية وخرج ابن المقفع من هذا الباب -وأومأ إلى باب خلفه- وخاطبكم، ما تروني صانعًا بكم، أأقتلكم بسفيان، فرجعوا كلهم عن الشهادة، وعلموا أن قتله كان برضاه،